النور الثالث عشر الإمام محمد بن الحسن المهذي المنتظر القسم الثاني الغيبة الكبرى : سميت غيبة الإمام (ع) بعد وفاة نائبه أبي الحسن السمري (رض) الغيبة الكبرى ، لشدتها وفرط فوتها على شيعته واتباعه وكبرها في نفوسهم بسبب انقطاعه (ع) عنهم ، أو لأنها أكبر زمناً من الفترة الأولى ، التي كان له فيها نواب عنه ، وتنتهي الغيبة الكبرى هذه بظهوره عليه السلام ، بعد طول الأمد ، وقسوة القلب ، وبعد أن تمتلئ الأرض ظلماً وجورا ، فيخرج (ع) لينصر فيها الحق ، ويقر السلام ، ويملأها قسطاً وعدلا . أما موعد ظهوره فلا يعلمه إلا الله تعالى ، ومن ادعى معرفته لذلك ، بمثل حساب النجوم أو غيره ، فهو كاذب ، لا يعبأ بكلامه . بل أن مشاهدته (ع) قطعية عن معرفه متعذرة أيضاً ، فكل من ادعى المشاهده عن معرفة ، مثل حدوث الوقائع الحتمية التي لا بد ان تحدث قبل ظهوره ، كخروج السفياني ، وسماع الصيحة السماوية وغيرها ، فهو كذاب ولا يؤخذ بكلامه . المهدوية والإسلام : لم يختلف
المسلمون قاطبة في عقيدتهم
بالإمام المهدي (ع) من حيث الكبرى
أعني من حيث كون النبي (ص) قد بشر
بخروج مصلح يقال له المهدي من
نسله (ص) يملأ الأرض قسطاً وعدلاً
بعدما ملئت ظلماً وجورا . نعم من حيث
الصغرى ، اختلف الشيعة والسنة في
ذلك ، بمعنى من هو ، وهل هو من صلب
الإمام الحسن أ م الحسين (ع) ، وهل
وُلِد ام لا ، وغير ذلك من
المفصلات . أن فكرة الإمام
المهدي (ع) في نطاق العقيدة
الدينية ، بغض النظر عن تفاصيلها
، موضع اتفاق جمهور المسلمين ،
فإن روايات المهدي وانتظار
الفرج على يديه وظهوره ليملأ
الأرض عدلاً ، وردت عند كل من
الشيعة والسنة كماً، وممن رواها
من أئمة السنة : وقد
الف عدة علماء من السنة كتباً
مستقلة حول الإمام المهدي (ع)
ومنها : نعم انفردت الشيعة الإمامية - اعزهم الله تعالى - عن بقية فرق المسلمين بقولهم انه ابن الحسن العسكري (ع) ، وانه ولد وغاب عن الأنظار ، وهو الحق وكثيراً ما شنع عليهم بسبب ذلك وسوف ننظر حول ذلك ، وننظر كذلك في شبهاتها . لم ينكر بعض
علماء السنة ولادة المهدي
وحياته وغيبته وعدم وفاته (ع) ،
ومن هؤلاء العلماء الذين
يعتقدون بأن المهدي هو محمد بن
الحسن العسكري الإمام الثاني
عشر من أئمة اهل البيت ، وانه ولد
، وانه لا يزال حياً وسيظهر في
اخر الزمان فيملأ الأرض قسطاً
وعدلا ، وينصر الله به دينه ، وهم
بذلك يوافقون أقوال الشيعة
الإمامية ، منهم : ولو تتبع
الباحث ، لوجد في علماء السنة
والجماعة أضعاف من ذكرنا ،
يقولون بولادة المهدي ، وبقائه
حياً حتى يظهره الله تعالى . طول عمر الإمام عليه السلام : نحن نرى أن
طول عمر الإنسان ليس من الأمور
المستحيلة وقد يتساءل بعض
المخالفين والمعاندين
والمشككين عن امكتنية ان يعيش
بشر هذه القرون ، فنقول بصريح
العبارة نعم ، إن هذا هو معتقدنا
في إمامنا المنتظر سلام الله
تعالى عليه ، وإن هذه كرامة له من
الله تعالى خصه بها ، وما إطالة
العمر وإبقاء إمامنا (ع) حياً
طوال تلك القرون ، بمعجز للقادر
المتعال جل جلاله وعلا مكانه
وتعالى شأنه ، ولا يصعب عليه ،
فالمنكر لطول عمره الشريف ،
والمستنكر أن يبقى (ع) حياً كل
هذه القرون ، إنما ينكر قدرة
الله تعالى ، وينقض قوله عز وجل
في كتابه الكريم بوقوع مثل هذه
المعجزة والكرامة . وهناك
الكثير ممن عاش عمراً طويلاً ،
وقد صرح الله تعالى في كتابه
وصرح رسوله (ص) في هديه . ومن
أُولئك : ومن الغريب عدم استغرابهم من معيشة شجرة الصنوبر في أمريكا والتي يبلغ عمرها 4900 سنة ، وشجرة العرعر التي تعيش مدة 2000 سنة . فإذا كانت
هذه أعمار الأشجار ، فما بالك
بالإنسان الذي هو أكرم من بقية
المخلوقات ، بل أيهما أشد غرابة
وأبعد بقاء رجل يأكل ويشرب ويمشي
وينام ويستيقظ مدة طويلة . أم
بقاء أشخاص نيام في مكان واحد لا
يأكلون ولا يشربون ولا يتنظفون
بل يتقلبون فقط ، وهم أهل الكهف ؟!.
إن من استبعد بقاءه (ع) وتعميره وغيبته ، فإن ذلك فسفطة ظاهرة ، لا تعارض في الأذلة ، فقد اتفقوا على بقاء ما ذكرنا أو جلهم ، ثم انكروا جواز بقاء المهدي (ع) ، لأنهم إنما انكروا بقاءه من وجهين أحدهما طول الزمان ، والثاني أنه في سرداب من غير أن يقوم أحد بطعامه وشرابه ، وهذا ممتنع عادة . أما عن
الجواب عن طول الزمان فمن حيث
النص والمعنى : ونعرف ذلك من الدليل العقلي وهو دليل اللطف وحاصله : أن العقل يحكم بوجوب اللطف على الله تعالى ، وهو فعل ما يقرب إلى الطاعة ويبعد عن المعصية . ويوجب إزاحة العلة وقطع العذرة بما لا يصل إلى حد الإلجاء لئلا يكون للناس على الله حجة ، فكما أن العقل حاكم بوجوب إرسال الرسل ، وبعثة الأنبياء ليبينوا للناس ما أراد الله منهم ، وللحكم بينهم بالعدل ، كذلك يجب نصب الإمام ليقوم مقامهم ، تحقيقاً لنفس العلة ، فإن الله لا يخلي الأرضى من حجة إما من قائم مشهور ، أو غائب مستور وليس زمان بأولى من زمان في ذلك . ولا يعبأ بمن
نفى حكم العقل بوجوب اللطف على
الله ، فإن أولئك لا عقل لهم ،
ولم يعوا الحكمة من إرسال الله
تعالى الرسل . واما بقاء عيسى فهو سبب إيمان أهل الكتاب به ، والتصديق بنبوة سيد الأنبياء (ص) ويكون تبياناًً لدعوى الإمام عند أهل الإيمان ومصدقاً لما دعا إليه أهل الطغيان ، بدليل صلاته خلفه ونصرته إياه ، ودعائه إلى الملة المحمدية التي هو إمام فيها ، فصار بقاء الإمام المهدي (ع) أصلاً وبقاء الأثنين فرعاً على بقائه ، فكيف يصح بقاء الفرعين مع عدم بقاء الأصل لهما ؟! ولو صح ذلك ، لصح وجود المسبب من دون وجود السبب وذلك محال . وإنما قلنا أن بقاء المهدي أصل لبقاء الأثنين ، فلأنه لا يصح وجود عيسى (ع) منفرداً غير ناصر لملة الإسلام ، وغير مصدق للإمام ، لأنه لو صح ذلك لكان منفرداَ بدولةٍ ودعوة ، وذلك يبطل دعوة الإسلام ، من حيث أراد أن يكون تبعاً فصار متبوعاً ، وأراد أن يكون فرعاً فصار أصلاً والنبي (ص) يقول " لا نبي بعدي" ، فلا بد أن يكون له عوناً وناصراً ومصدقاً ، وإذا لم يجد من يكون له عوناً ومصدقاً لم يكن لوجوده تأثيراً ، فثبت أن وجود المهدي (ع) أصل لوجوده . وكذلك الدجال اللعين لا يصح وجود في آخر الزمان ، ولا يكون للأمة إمام يرجعون إليه لأنه لو كان كذلك لم يزل الإسلام مقهوراً ودعوته باطلة ، فصار وجود الإمام (ع) أصلاً لةجوده على ما قلناه . وأما بقاؤه
في السرداب - على حد زعمهم - من
غير أحد يقوم بطعامه وشرابه
فبقاء عيسى (ع) في السماء من غير
أحد يقوم بطعامه وشرابه وهو بشر
مثل المهدي (ع) ، فلما جاز بقاؤه
في السماء والحالة هذه فكذلك
المهدي (ع) . إذاً يعلم أن البقاء في المدة الطويلة لا ينحصر في المهدي (ع) بل كان في غيره وخاصة في الخضر (ع) الذي هو أطول عمراً من الأخرين ، وإنما أخره سبحانه وتعالى حسبما يراه من المصلحة ، ولعلمه تعالى بأنه ستأتي نفوس يتبعون الشهوات ، ويوقعون في أذهان بسطاء العقول الشبهات ، ويستشكلون في طول عمره الشريف ، فأرغم الله تعالى أنوفهم ، إظهاراً لقدرته الكاملة ، وإتماماً للحجة ، ليهلك من هلك عن بينة ، ويحيى من حيَّ عن بينة ، ولله الحجة البالغة ، وبيده أزمة الأمور وهو القادر على كل شيئ ، وعلى هذا فلا وجه لاستبعادهم لطول عمره ، وتفي الأمكان . ويمكن
الجواب عن ( نفي الامكان ) بجواب
أخر ، يتوقف على بيان مقدمة
مختصرة ، ليتضح ما هو المقصود من
الجواب ، فنقول : والمقصود من الامكان العلمي هو أنه لا يوجد لدى العلم مبرراً لرفضه ، كالصعود إلى كوكب الزهرة مثلاً ، فإن الصعود إليه وإن لم يكن فعلاً ميسوراً ، لكنه ممكن ، لأنه ليس الفارق بينه وبين الصعود للقمر إلا درجة مثلاً ، ويتحقق ذلك بعد تذليل الصعاب الإضافية التي حصلت بسبب بعد الزهرة الشاسع عن الأرض وقربها من الشمس . والمقصود بالأمكان الفلسفي ، أن لا يوجد لدى العقل ما يوجب الحكم با ستحالتة ، كتقسيم عدد الفرد ( الشخص ) إلى اثنين بالتساوي من دون كسر ، فإن العقل يرفض مثل ذلك ، ويحكم باستحالته لأنه تناقض ، والتناقض مستحيل عند العقل . إذا عرفت تفسير الأمكان بالمعاني الثلاث ، فنقول : إن طول عمر الإنسان قروناً كثيرة ممكن بالمعاني الثلاثة : أما بالأمكان المنطقي ، فلأنه لا يلزم من هذا الافتراض أي تناقض بوجوب الحكم با ستحالته عند العقل ، وبعبارة أخرى افتراض ذلك لا يكون من قبيل تقسيم عدد الفرد إلى اثنتين بالتساوي من غير كسر . كما لا يوجد علمياً اليوم ما يبرر رفضه من الناحية النظرية كما نص على ذلك الأطباء المتخصصون ، فلا يتطلب إلا تذليل الصعاب الإضافية ، فحينئذٍ يتضح لك أن العلم من الناحية النظرية لا يجد مبرراً لرفضه . أما الامكان العملي ، فإن العلم وإن كان لا يزال جاداً وسائراً في طريق الأمكان النظري إلى إمكان عملي ، وبعد لم يصل إليه ، إلا أنه قد تحقق ذلك أي طول العمر فصار ممكناً عملياً في غير المهدي كنوح (ع) ، فيكون كذلك بالنسبة للمهدي (ع) ولا استغراب ، فإن حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد . نعم
الأستغراب من جهة أنه كيف يتحقق
ذلك - أي طول العمر للمهدي (ع) -
قبل وصول العلم في تطوره إلى
مستوى القدرة الفعلية . العلم الحديث والهرم : لا يمنع
العلم الحديث من بقاء الإنسان
حياً ألاف السنين ، إذا لم تعرض
له عوارض تقطع حبل حياته ،
والمنقول عن العلم الحديث انه
إذا توافرت المواد الغدائية
اللازمة لأي موجود حي . فإن مرور
الزمن لا يؤثر فيه ، وكذلك لا
تؤثر فيه الشيخوخة . فأثبت
الدكتور " ودن لوميس "
وزوجته ، أنه يمكن وضع أجزاء
خلوية من جسم جنين طائر في سائل
ملحي ، فتبقى حية ، وتوالت
التجارب 00000 حتى قام الدكتور "
الكسيس كارل " وأثبت منها أن
هذه الأجزاء لا تشيخ الحيوان
الذي أخدت منه بل تعيش اكثر مما
يعيش عادة وقد شرع في التجارب
المذكورة في شهر يناير سنة 1912م ،
وثبت له: مع المنكرين لوجود الإمام المهدي (ع) : إن من ينكر
وجود الإمام أو عدم ولادته فإنما
هو يكذب الله وسوله . ويكذب رسوله (ص) في الحديث المروي عنه (ص) " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي " فإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض " الذي رواه مسلم في صحيحة ، ج 4 ص 123 ، دار المعارف ، بيروت ، لبنان . ورواه النيسابوري في مستدركه على البخاري ومسلم ج 3 ، ص 27 ، كتاب معرفة الصحابة ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان ، ورواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 3 ، ص 17 - 26 - 59 ، دار صادر، بيروت ، لبنان ، ورواه الترمذي ج 5 ص 663 ، دار أحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان ، ورواه علاء الدين الهندي في كنز العمال ج 1 باب 2 الأعتصام بالكتاب والسنة ص 172 ، ط مؤسسة الرسالة بيروت ، رقم 5 سنة 1985 م وهو الحديث رقم 810 و 871 و 872 و 873 . ورواه الطبراني في معجمه الصغير ، والطبري في ذخائر العقبى ، والحمويني في فرائد السبطين ، وابن سعد في طبقاته ، والحافظ نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد ، والسيوطي في أحياء الميت ، والعسقلاني في المواهب اللذنيه ، والنبهاني في الأنوار المحمدية ، والبيهقي في السنن الكبرى ، والبغوي في مصابيح السنة ، وابن كثير في تفسيره ، وابن الأثير في جامع الأصول ، وابن حجر الهيثمي في صواعقه ط2 سنة 1965 م ، مكتبة القاهرة ، شركة الطباعة الفنية المتحده . عموماً يكذب الرسول (ص) فإن الرسول (ص) قال "لن يفترقا" بصيغة المثنى وهذا يقتضي الملازمة بين الكتاب والعترة ، إذا لم يولد الإمام المهدي (ع) فقد حصل الأفتراق ، وهذا يكذب الحديث ، إذاً لا بد من ثبوت ولادة الإمام كما يشهد له الحديث . انتهى قول احد مجتهدي الخط . فالاعتراض على عمر الإمام (ع) ما يقرب من أثني عشر قرناً في حين أن الإنسان لا يستطيع أن يعمر هكذا ، مبني على الأستبعاد ، وإن العمر الطويل كهذا يستبعد ، لكن الذي يطالع الأخبار الواردة عن الرسول الأعظم (ص) ومن يتدبر القرآن الكريم ، سيلاحظ أن نوع الحياة لبعض الأشخاص ومنهم الغائب ، تتصف بالمعجزة ، خرقاً للعادة ، وطبيعي أن خرق العادة ليس بالأمر المستحيل ولا يمكن نفي خرق العلم عن طريق العلم مطلقاً . لذا لا تنحصر العوامل والأسباب التي تعمل في الكون في حدود مشاهدتنا والتي تعرفنا عليها ، ولا نستطيع نفي عوامل أخرى وهي بعيدة كل البعد عنا ، ولا علم لنا بها ، أو ننا لا نرى أثارها وأعمالها ، أو نجهلها . من هذا يتضح امكان ايجاد عوامل في فرد أو أفراد من البشر بحيث تستطيع تلك العوامل أن تجعل الإنسان يتمتع بعمر طويل جداً قد يصل إلى الألف أو الاف من السنوات فعلى هذا فإن عالم الطب لم ييأس حتى الأن من كشف طرق لإطالة عمر الإنسان . وهو الأعتراض من الذين يعتقدون بالكتب السماوية كاليهودية والمسيحية والإسلام ، وفقاً لكتبهم السماوية ، ويقرون بالمعجزات وخرق العادات التي كانت تتحقق بواسطة أنبياء الله تعالى ، يثير الأعجاب والأستغراب . فبالأمس ينكرون أن تحلق مركبة من حديد وألمنيوم ، وينكرون أن يتكلم الحديد ، ولا يصدقون أن يتحدث الغربي مع الشرقي أو غيرها ، واليوم يصدقونها لأنهم رأوها واحسوا بها ، لكن لم يحسوا بوجود الإمام لأنهم أقفلوا عقولهم ولم يحركوها وأساس معرفة الله العقل . ونضرب مثلاً لجواز غيبة الإمام (ع) ، أورده السيد الجليل ابن طاووس في كشف المحجة ، قال : فأنتم تعلمون أنه لو حضر رجل وقال انا أمشي على الماء ببغداد ، فأنه يجتمع لمشاهدته ، لعل من يقدر على ذلك منهم ، فإذا مشى على الماء وتعجب الناس منه ، فجاء آخر قبل أن يتفرقوا وقال : أنا أمشي على الماء ، فإن التعجب منه يكون أقل من ذلك ، فمشى على الماء فإنَ بعض الحاضرين ربما يتفرقون ، ويقل تعجبهم ، فإذا جاء ثالث ، وقال أنا أيضاً أمشي على الماء ، فربما لا يقف للنظر إليه إلا قليل ، فإذا مشى على الماء سقط التعجب من ذلك ، فإن جاء رابع وذكر أنه أيضاً يمشي على الماء ، فربما لا يبقى أحد ينظر إليه ولا يتعجب منه ، وهده حالة المهدي (ع) لأنكم رويتم أن أدريس (ع) حي موجود في السماء منذُ زمانه إلى الأن ، ورويتم أن الخضر حي موجود منذ زمان موسى (ع) أو قبله إلى الأن ، ورويتم ان عيسى حي موجود في السماء ، وإنه يرجع إلى الأرض مع المهدي (ع) فهده ثلاثة نفر من البشر قد طالة أعمارهم وسقط التعجب بهم من طول أعمارهم ، فهلاُ كان لمحمد بن عبدالله (ص) أسوة بواحد منهم وان يكون من عترته آية الله جل جلاله في امته بطول عمر واحدٍ من دريته ، فقد ذكرتم ورويتم في صفته أنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً ، ولو فكرتم لعرفتم ان تصديقكم وشهادتكم أنه يملأ الأرض بالعدل شرقاً وغرباً وبعداً وقرباً ، أعجب من طول بقائه ، وأقرب إلى أن يكون ملحوظاً بكرامات الله جل جلاله ، لأوليائه ، وقد شهدتم أيضاً له ، أن عيسى بن مريم النبي المعظم (ع) يصلي خلفه مقتدياً به في صلاته ، وتبعاً له ، ومنصوراً به في حروبه وغزواته ، وهذا أيضاً أعظم مقاماً مما استبعد تموه من طول حياته ، أنتهى كلامه . وأما عن صغر
سن الإمام عند بلوغه الإمامة ،
فليس ذلك بمستغرب ، بعد أن
ارتفعت حالته ، ودخل تحت القدرة
، وقد اتى الله يحيى (ع) الحكم وهو
صبي ، بل ان عيسى (ع) كلم الناس
وهو طفل رضيع في المهد ( ويكلم
الناس في المهد ) ، بل أن المتذبر
فبي الأية الشريفة ( قال إني
عبدالله اتاني الكتاب وجعلني
نبياً 0 وجعلني مباركاً أين ما
كنت واوصاني بالصلاة والزكاة ما
دمت حيا 0 وبراً بوالدتي ولم
يجعلني جباراً شقيا ) ، يلاحظ
أموراً ، منها : [ الصفحة السابقة ] [ البداية ] |