النور الثالث عشر الإمام محمد بن الحسن المهذي المنتظر القسم الأول نسبه الشريف : هو الإمام
الثاني عشر من أئمة الشيعة
الأثنى عشرية - اعزهم الله تعالى
وأيدهم بنصره ، وخذل اعدائهم -
الطاهرين ، وخاتم المعصومين
المرضيين ، أمل المظلومين من
البشر والخلف الحي المنتظر ، ولي
العصر وحجة الدهر ، الإمام
المفدى صاحب العصر والزمان ، سيف
الله المسلول وفلذة كبد البتول (ع)
شريك القرآن ، ومنتظر أهل
الإيمان ، أرواح العالمين فذاه ،
عجل الله تعالى له ولنا فرجه ،
وبلغه مناه ، الإمام محمد بن
الحسن بن علي بن محمد بن علي بن
موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن
الحسين بن علي بن ابي طالب سلام
الله تعالى عليهم أجمعين . بدءاً بأبيه الإمام الحسن العسكري (ع) ، وانتهاءً - صعودا- إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم الصلاة السلام ، وإلى رسول الله صلى الله عليه وآله . أما أمه الجليلة فهي أم ولد يقال لها " نرجس " ، وقيل بل هذا اسمها في الإسلام ، وهو في الأصل "مليكة" ، وهي بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم ، وهي من ولد الحواريين ، تنسب إلى وصي المسيح (ع) " شمعون " واحد أبرز حوارييه . وقد حدثت أنها رأت في المنام محمدأ (ص) نبي المسلمين يخطبها من المسيح (ع) ووصيه شمعون (رض) لولده الإمام الحسن العسكري (ع) ووافق شمعون ووافقت هي . وقد تعلق قلبها بالإمام (ع) بعد هذا المنام وهي ببلاد الروم ، وهو (ع) في سامراء ، إلى أن شاء الله تعالى أن يوجه أبوها جيشاً إلى العراق لمحاربة المسلمين ، وأن تكون هي في ذلك الجيش متنكرة فيه بزي الخدم ، وأن تقع في الأسر ، وتكون في غنيمة شيخ من المسلمين عرضها للبيع ، ولكنها كانت تمتنع عن الظهور لتُعرض للبيع ، وترفض أن يلمسها أو يمسها أحد من الراغبين في الشراء ، رغم كثرة الراغبين لشراءها لِما رأوا فيها من العفة والحياء . وقد وجه الإمام الهادي (ع) ، أحد خاصته من سامراء إلى بغداد مع كتاب منه (ع) باللغة الرومية ، وأوصاه بتسليمها إياه بعد أن وصف للرسول المكان والشيخ البائع والأسيرة الجليلة ، وحمّله مائتين وعشرين ديناراً ، ليدفعها ثمناً لها . فلما ناولها الكتاب بلغتها الرومية بكت نرجس وهددت الشيخ بان تقتل نفسها إن لم يبعها لصاحب الكتاب ، فساوم الرسول الشيخ البائع ، حتى توقف عند الثمن الذي أرسله الإمام الهادي (ع) فدفعه إليه ، ونقلها بتجليل واحترام إلى سامراء . فلما دخلت على الإمام الهادي (ع) رحب بها كثيراً ، ثم بشرها بولد يولد لها من ابنه ابي محمد العسكري (ع) يملك الدنيا شرقاً وغرباً ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، ثم أودعها عند أخته " حكيمه " بنت الإمام الجواد (ع) لتُعلمها الفرائض والأحكام ، فبقيت عندها أياماً ، وهبها الإمام الهادي (ع) بعدها ابنه الإمام الحسن العسكري (ع) فتزوجها الإمام (ع) ولما دخل بها حملت بالحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف . مولده الشريف عليه السلام : ولد الحجة المهدي (عج) في " سر من رأى " أي سامراء ليلة النصف من شهر شعبان المعظم ، من سنة خمس وخمسين ومائتين من الهجرة النبوية الشريفة وقبل أن يصل المهتدي العباسي للملك بشهر تقريباً ، أي في ملك المعتمد ،وقبل استشهاد الإمام العسكري بخمس سنوات كما جاء في أكثر الروايات ، ويكون تاريخ سنة ولادته بحساب الجمل " نور" إذا كانت سنة ولادته ست وخمسين بعد المائتين ، ولكن المشهور هو القول الأول . كنيته وألقابه عليه السلام : هو
سمي جده المصطفى (ص) فهو رابع
المحمدين في المعصومين ( رسول
الله - ص- والإمام الباقر -ع-
والإمام الجواد -ع- وهو -ع- ) عليهم
الصلاة والسلام . أما كنيته فهي كنية جده رسول الله (ص) فهو أبو القاسم ، وذكرت له كنية : أبو جعفر " أيضاً . وأما القابه فكثيرة جداً ، منها : المهدي وهو أشهرها ، والمنتظر ، والقائم ، والحجة ، وصاحب العصر والزمان ، والخاتم ، وصاحب الدار ، وصاحب الأمر ، والخلف الصالح ، والناطق ، والثاير ، والمأمول ، والوتر ، والدليل ، والمعتصم ، والمنتقم ، والكرار ، وصاحب الرجعة البيضاء ، والدولة الزهراء ، والوارث ، وسدرة المنتهى ، والغاية القصوى ، وغاية الطالبين ، وفرج المؤمنين ، ومنتهى العبر ، وكاشف الغطاء ، والأذن السامعة ، واليد الباسطة ، وغيرها . إمامته عليه السلام : ذكرنا سابقاً أن الإمام الحسن العسكري (ع) لم يُخلف غير الإمام صاحب العصر (عج) ، فلما ولد (ع) حجبه عن الناس وعن اعين الظالمين ، وكان يبالغ كثيراً في ستره وابعاده عن متناول الأخصام إلى أن استشهد الإمام العسكري (ع) وكان الإمام المهدي (عج) يومئذِ في الخامسة من عمره الشريف . حينئذٍ انتقلت الإمامة إليه (ع) وهو في هذا السن الصغير وأتاه الله الحكمة والكرامة وفصل الخطاب ، وكان ذلك سنة ستين ومائتين من الهجرة النبوية الشريفة . وقد نص أبوه الإمام العسكري (ع) على إمامته (ع) من بعده بل إن جده الإمام الهادي (ع) حين نص على إمامة ولده أبي محمد الحسن العسكري (ع) فذكر أن الإمام بعده هو ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلا بعد أن ملئت ظلماً وجوراً . لذا ، لما استشهد والده الإمام العسكري (ع) أجمع الشيعة بعده ، استناداً إلى أنه لا بد لكل زمان من إمام ، واستناداً إلى الحديث الذي صحَّ عند جميع المسلمين على تفرق مذاهبهم واختلاف آرائهم أن رسول الله (ص) قال ونصه : { من مات ولم يعرف إمام زمانه ، مات ميتة جاهلية } . وأجمعوا على إمامته (ع) بعد أبيه الإمام العسكري (ع) ، وأنه هو الإمام الثاني عشر ، وأنه هو المهدي المنتظر الذي بشَّر به النبي (ص) والأئمة (ع) من بعده وأنه هو إمام زماننا الحاضر وكل زمان أت ، إلى أن يظهر سلام الله تعالى عليه ، ويُعم الأمن والسلام ، وينشر الإسلام على الأرض قاطبة ، ويقيم العدل والأحسان فيها . وبعد استشهاد الإمام العسكري (ع) قام الإمام المهدي (ع) بتجهيزه وتغسيله وصلى عليه ، وآخر مرة شوهد في دار والده (ع) ، ثم غاب عن انظار الأشرار . ولئن غاب الإمام منذ ذلك - وما يزال - عن الأبصار فإن غيابه ، إنما هو كا ستتار الشمس وراء الغيم ، وإذا عجزت العين المجردة عن رؤيتها ، فإن ذلك لعجزها عن اختراق الحُجُب . وهذا لا يعني أن الشمس غير موجودة ، وفائدتها غير معلومة ، فكذلك الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف ، وسوف نتحدث عن ذلك لاحقاً . ومن الدلائل على إمامته (ع) ما روي عن عبدالله بن عمر قال : سمعت الحسين بن علي -(ع) - يقول : ( لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم واحد ، لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي ، فيملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً ، كذلك سمعت رسول الله يقول ) . وروي عن الإمام الباقر (ع) عن أبيه وجده عن علي عليهم السلام قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) {المهدي من ولدي تكون له غيبة إذا ظهر يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً }. وروي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يخرج في اخر الزمان رجلٌ من ولدي ، اسمه كاسمي ، وكنيته ككنيتي ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ، فذلك هو المهدي . وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) { طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتدٍ به قبل قيامه ، يتولى وليه ويتبرأ من عدوه ، ويتولى الأئمة الهادية من قبله ، أولئك رفقائي وذو ودي ومودتي } . وهناك
روايات وأحاديث كثيرة العدد
مختلفة النصوص ، رواهما
الفريقان ، وللمزيد تراجع
المصادر السنية على الخصوص : أوصافه عليه السلام : نقلت المصادر عن أوصافه عليه السلام أنه ممتلئ الجثة ، طويل القامة ، وجهه كأنه كوكب دري ، أقنى الأنف ، ضخم العينين ، كثب اللحية ، على خده الأيمن خال أسود ، وعلى يده خال . نوابه عليه السلام : للإمام
الحجة (ع) صاحب الزمان غيبتان :
الغيبة الأولى وتسمى بالغيبة
الصغرى ، والثانية تسمى الغيبة
الكبرى . لقد
كان للإمام (ع) خلال غيبته الصغرى
أربعة نواب ( أو سفراء ) على
الترتيب والبدل ، بمعنى أنه عند
انقضاء أجل كل منهم ونفاد عمره ،
كان يوصي إلى الأخر ، بناء على
تعيين الإمام وبامر منه (ع)
فيقيمه مقام نفسه في النيابه
والسفارة والوساطة بين الناس
وإمامهم (ع) ، وهؤلاء النواب
مدفونون كلهم في العراق ببغداد
ولكل منهم مزار مخصوص : الأول
: أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عمرو
العمري الأسدي ، الذي كان وكيلاً
عن الإمام الهادي (ع) ، ثم عن ابنه
الإمام الحسن العسكري (ع) ثم صار
نائباً للخلف المنتظر (ع) عدة
سنوات ، حتى مضى إلى رحمة ربه ،
وكان جليل القدر جداً ، ورفيع
الشان تحقيقاً . الثاني
: ابنه محمد بن عثمان بن سعيد
العمري ، الذي كان أيضاً وكيلاً
كابيه ثم صار نائباً بعد أبيه عن
الحجة (ع) ، إلى أن توفى (رض) في
اخر جمادى الأول من سنة خمس
وثلاثمائه من الهجرة المباركة ،
وكانت أيام نيابته ونيابة أبيه
قريباً من خمس وأربعين سنة . الثالث
: أبو القاسم الحسين بن روح بن
ابي بحر النوبختي ، الذي قام
بامر النيابة إحدى وعشرين سنة
إلى أن توفى في شعبان سنة ست
وعشرين وثلاثمائة ، ودفن في
النوبختيه ، في الجانب الشرقي من
بغداد في سوق الشورجه - حالياً . الرابع
: أبو الحسن علي بن محمد السمري (رض)
وقد قام بالأمر ثلاث سنين فقط
وتوفى في النصف من شعبان سنة تسع
وعشرين وثلاثمائة للهجرة وقبره
في الجانب الغربي من بغداد . بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري ، أعظم الله أجر اخوانك فيك ، فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام ، فاجمع أمرك ولا توصِ إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامة . فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلب وامتلاء الأرض جوراً ، وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ألا من ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفترٍ ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . وروي
أنه في اليوم السادس حضر
الموالون الشيعة وهو يجود بنفسه
فقيل له من وصيك من بعدك فقال : وبوفاة هذا النائب الجليل انتهت الغيبة الصغرى التي استمرت ما يقرب تسع وستين سنة ، وبدأت الغيبة الكبرى إلى يومنا هذا ، حتى يأذن الله تعالى . اسلوب السفراء الأربعة في الغيبة الصغرى : اضطلع
السفراء في الغيبة الصغرى بمهمة
قيادة قواعد الإمام (ع) من
الناحية الفكرية والسلوكية ،
طبقاً لتعليمات الإمام (ع)
والتوسط بينه وبينها في في ايصال
التبليغات واخراج التوقيعات ،
وحل مشاكلها وتذليل العقبات
التي تصادفها . وكانوا يقومون بأعمال تجارية ، كالبيع والشراء في السمن أوالمواشي أو بقية أنواع التجارة لتغطية أعمالهم ، حتى لا يتسرب لأحد الشك في الأموال التي تصل إليهم من الشيعة ، وهم بدورهم يوصلونها إلى الإمام (ع) . ولعل الدوافع التي دفعت السفراء إلى هذا الأسلوب من العمل ،الأسباب التالية :
أهداف السفارة في الغيبة الصغرى : هناك هدفان رئيسيان ترمي إليها السفارة عن الإمام (ع) هما : أولاً
: تهئية أذهان الأمة وتوعيتها
لمفهوم الغيبة الكبرى ، وتعويد
الناس تدريجياً على الأحتجاب ،
وعدم مفاجأتهم بالغيبة دون سابق
مقدمات ، ولربما ادى الأحتجاب
المفاجئ إلى الإنكار المطلق
لوجود الإمام المهدي (عج) . ثانياً : قيام السفارة برعاية شؤون القواعد الشعبية الموالية للإمام (ع) والتوسط بينها ، لتمضية شؤونها ومصالحها بعد اختفاء الإمام عن مسرح الحياة ، بغيبة الكبرى . [ الصفحة السابقة ] [ البداية ] |