تابع المبحث العاشر9: أهل البيت عليهم افضل الصلاة والسلام في الشعر العربي وقال الفقيه الأديب السيد محمد القزويني " قدس سره الشريف"، في نظم حديث الكساء: و مجمل القول في الآية:- على ما في هامش إحقاق الحق- أن الآية صريحة في الدلالة على عصمة أهل البيت عليهم السلام . توضيحه: أن الآية صريحة في تعلق إرادته تعالى بتطهير أهل البيت، فيثبت تحققه، لاستحالة تخلف إرادته عز اسمه وتعالى شأنه، عن مراده، لكونها مراده بالإرادة التكوينية لا محالة دون التشريعية، فإن التشريعية لا تتعلق إلا بفعل المكلف وهي مساوقة للأمر به، وقد تعلق في الآية بفعل الله تعالى فقال:" إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً"، مضافاً إلى أن إرادته تعالى بالإرادة التشريعية لا تختص بأهل البيت،بل تعم جميع المكلفين. وبالجملة فإن ما سموه في الاصطلاح بالإرادة التشريعية، ليس إلا إرادة صدور الفعل عن العبد باختياره ، المستتبعة لمجرد أمر المولى عبده بذلك الفعل، من غير أن يصدر من المولى ما يوقعه في الفعل، ويلزمه عليه، بل العبد قد يختار عصيانه، وقد يختار طاعته باستقلال إرادته، من غير أن تتوجه إليه قدرة تقوده إلى الفعل أو الترك . ومن هنا يعلم أن الإرادة التشريعية ليست إرادة في الحقيقة، فإن الإرادة على ما عرفوها هي كيفية نفسانية مستتبعة لتحريك العضلات نحو الفعل، وإن كان يجب تجريدها بالنسبة إلى المبادئ العالية عن خصوصية كونها كيفية عارضة، وتجريد فعله عن كونه بتحريك العضلات، فيكون ما تحقق من المولى عند التكليف مجرد إرادة الأمر والإيجاب، أو النهي والتحريم . ثم إن من البديهي أيضاً أنه ليس المراد من الرجس، الرجس البدني الظاهري، فالمراد فيه الرجس الباطني من الشرك والكفر والشك ودنس الذنب ومعصية الله، وكل ما يعد رجساً . فإن قلت: يحتمل أن يريد من التطهير انه تعالى غفر ذنوبهم، قلت: إن المغفرة لا تطهر الدنس الحادث في نفس العاصي، بل إنما توجب رفع العقوبة عنه، ضرورة أن مغفرة المعصية لا توجب انقلابها عما وقعت عليها، ألا ترى أن مغفرة المظلوم لظلم من ظلمه لا يخرج فعله عن القبيح!، هذا مضافاً إلى أن حمل الآية عليها تنافي إطلاق الآية، فإن مغفرة الذنب لا تكون إلا بعد تحققه، فالمذنب عند صدور الذنب منه، غير مطهر، لعدم إمكان مغفرة الذنب عند الارتكاب به، وإلا خرج عن كونه ذنباً، ولم يصدق عليه عنوانه . وبالجملة قد ظهر من الأحاديث التي قدمنا نقلها، وقد حكموا بصحتها، أن أهل البيت هم أصحاب الكساء خاصة، ودخول أزواجه صلى الله عليه وآله معه تحت الكساء، لم ينقله أحد، مع أنه لا محرمية بينهن وبين علي عليه السلام، فالظن بدخولهن أوهن مع من تحرم عليه الصدقة مطلقاً في أهل البيت، وهمٌ وتخليط، أو عناد، أعذنا الله منه وإياكم . والآية الكريمة دالة على عصمتهم عليهم السلام من الأرجاس بجميع أنواعها بالتأكيدات التي قدمنا الإشارة، من ذكر لفظة" إنما"، وإدخال اللام في الخبر، واختصاص الخطاب، وتكرير المؤدى، وإيراد المفعول المطلق بعدُ وتنكيره الدال على الاهتمام والتعظيم، وتقديم ما حققه التأخر كتقديم" عنكم" على " الرجس" . فأنشدك الله أيها الأخ، أفبعد هذا يبقى لك ريب وشك في السند، أو الدلالة أو الجهة؟ لا والله العلي العظيم، فأرجو من إخواني أهل الجماعة المنتحلين إلى السنة، أن ينبذوا إتباع سلفهم، ويمعنوا النظر فيما تلوناه عليهم، وربي الواقف على الضمائر، والمطلع على السرائر، يعلم أني مخلص في هذه النصيحة إياهم، لا في ضميري مرض، وليس سوى الإرشاد غرض سبيل ربي، فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر، إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً .
اللهم أمتنا مماتهم، وأحينا حياتهم، واحشرنا في زمرتهم، ولا تفرق بيننا وبينهم طرفة عين أبداً، آمين، آمين، رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين، إلى قيام يوم الدين . خدمة آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين [ الصفحة السابقة ] [ البداية ] |