المبحث السابع : أقوال بعض أعلام السنة في آية التطهير وفي دلالة آية التطهير على عصمة أهل بيت النبوة والرسالة، كلمات من أعلام العامة لا ينبغي لأحد من سليم العقول والأحرار الغفلة عنها، نذكرها على طريق الاختصار : فمنهم : السيد السمهودي في ( جواهرالنقدين في فضل الشرفين ) ما لفظه : قلت: وإنما أيدت بهذه الآية - يعني آية التطهير - لأني تأملتها مع ما ورد من الأخبار في شأنها، وما صنعه النبي (ص) بعد نزولها، فظهر لي أنها منبع فضائل أهل البت النبوي، لاشتمالها على أمور لم أرَ من تعرض لها: أحدها: اعتناء الباري جل وعلا بهم، وإشارته إلى علو قدرهم حيث أنزلها في حقهم . ثانيها:تصديره لذلك بـ" إنما" التي هي أداة الحصر لإفادة أن إرادته في أمرهم مقصورة على ذلك الذي هو منبع الخيرات لا تتجاوزه إلى غيره . ثالثها: تأكيده لتطهيرهم بذكر المصدر، ليعلم أنه في أعلى مراتب التطهير . رابعها: تنكيره تعالى لذلك المصدر حيث قال:" تطهيراً "، للإشارة إلى كون تطهيره إياهم نوعاً عجيباً ليس مما يعهده الخلق، ولا يحيطونه بدرك نهايته. خامسها: شدة اعتناءه (ص) وإظهار اهتمامه بذلك مع إفادة الآية لحصوله، فهو إذاً لتحصيل المزيد من ذلك حيث كرر طلبه لذلك من مولاه عز وجل مع استعطافه بقوله" اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي"، أي وقد جعلت إرادتك في أهل بيتي، مقصورة على إذهاب الرجس، فأذهبه عنهم، وطهرهم تطهيراً بأن تجدر لهم من مزيد تعق الإرادة بذلك ما يليق بعطائك . سادسها: دخوله (ص) في ذلك، لما ورد عن أبي سعيد الخدري وغيره، أنها نزلت في خمسة، وقد تقدم، وقد جاء عن أم سلمة رضي الله عنها: نزلت هذه الآية في بيتي:" غنما يريد الله..." الآية. في سبعة: جبرائيل وميكائيل ورسول الله وفاطمة وعلي والحسن والحسين". وفيه مزيد كرامتهم وإبانة تطهيرهم وإبعادهم عن الرجس ما لا يخفى موقعه عند أولي الألباب . سابعها: دعائه (ص) بما تضمنت الآية، وبأن يجعل الله صلواته ورحمته وبركاته ومغفرته ورضوانه عليهم،لأن من كانت إرادة الله في أمره مقصورة على ذهاب الرجس عنهم، والتطهير لهم، كان حقيقاً بهذه الأمور . ثامنها: في طلب ذلك له (ص) ولهم من تعظيم قدرهم وانافة منزلتهم، حيث ساوى بين نفسه وبينهم في ذلك ما لا يخفى . تاسعها: أنه (ص) في طلب ذلك من مولاه عز وجل أعظم أسلوب وابلغه، حيث قدم مناجاته تعالى على الطلب بقوله: " اللهم قد جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك على إبراهيم"، فأتى بهذه الجملة الخبرية المقرونة بـ " قد" التحقيقية، المفيدة لتحقيق ذلك من مولاه، ثم اتبعه بالمناجاة بقوله: " انهم مني وأنا منهم"، وذلك من قبيل الإخبار، ثم فرع على الجملة الطلبية حيث قال:" فاجعل صلواتك" لسر لطيف ظهر لي بوجهين: أحدهما: تمام المناسبة في الأبوة الإبراهيمية التي (فإنها) تقتضي استجابة الدعاء، وأن يعطي ما طلبه لنفسه ولأهل بيته، كما أُعطىَ أبوه إبراهيم . ثانيها: أنه (ص) من جملة آل إبراهيم، كما عم ابن عباس في تفسير قوله تعالى:" إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم..." الآية. فمحمد (ص) من آل إبراهيم، وآله ( أي آل إبراهيم ) قد أعطوا تلك الأنوار، فقد ثبت إعطاء الأنوار له (ص) فيما مضى، وآله (ص) منه، وهو منهم فتوصل لاستجاب إنعامه بذكر إنعامه . عاشرها: أن دعائه (ص) مقبول، سيما في أمر الصلاة عليه، فقد دعا مولاه بالصلاة عليه وعليهم، فتكون الصلاة عليه وعليهم من ربه عز وجل . الحادي عشر: أن جمعه معه (ص) في هذا التطهير الكامل، وما نشأ عنه وعنهم من الصلاة عليه وعليهم، مقتضٍ لإلحاقهم بنفسه الشريفة، كما يشير إليه قوله:" اللهم انهم مني وأنا منهم"، وقوله:" أنا حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم"، وكذا أُلحقوا به في قصة المباهلة المشار إليها بقوله تعالى:" فقل تعالوا ندعُ أبنائنا وأبنائكم..." الآية. فألحق الله تعالى أهل الكساء به (ص)، ولأنه آكد في الدلالة على ثقته واستيقانه صِدقه، حيث اجترأ على تعريض عترته وأفلاذ كبده وأحب الناس إليه لذلك، ولم يقتصر على تعريض نفسه، وعلى ثقته بكذب خصمه . الثاني عشر: أن قصر الإرادة الإلهية في أمرهم على إذهاب الرجس والتطهير، يشير إلى ما سيجيء من تحريمهم في الآخرة على النار . الثالث عشر: حثهم بذلك على كمال البعد عن دنس الذنوب والمخالفات وتمام الحرص على امتثال المأمورات، بدلالة ما سبق من قوله (ص) عند تذكيرهم بالصلاة:" الصلاة يرحمكم الله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً " . الرابع عشر: أن قوله (ص):" فجعلني في خيرهم بيتاً "، فلذلك قوله تعالى " إنما يريد الله..." الآية. دال على أنهم استحقوا بذلك أن يكونوا خير الخلق . والخامس عشر: أن الآية أفادت طهارتهم ومساواتهم نشأ من ذلك إلحاقهم به في المنع من الصدقة التي هي أوساخ الناس، وعوضوا عن ذلك في خُمس من الفيء والغنيمة، ولذلك قال (ص):" لا أحل لكم أهل البيت من الصدقات شيئاً، ولا غسالة الأيدي، إن لكم في خُمس الخُمس ما يكفيكم". إلى آخر ما أفاد السمهودي . ومنهم العلام الحداد أبو بكر الحضرمي الشافعي في القول الفصل ج1 ص84 ط أفريقيا، ما لفظه: إنه- أي حديث الكساء - من الأحاديث الصحيحة المستفيضة المتواترة، معنى اتفقت الأمة على قبوله، فهم بين من يحتج به كالشيعة، ومؤول له كغيرهم والتأويل فرع القبول، وقد قال بصحته سبعة عشر حافظاً من كبار الحفاظ الحديث. وقال في ( القول الفصل ج2 ص162) في هذا الكتاب في مقام الرد على الناصب المشتهر بابن التلميذ، وهو نصاب عصرنا في بلاد أفريقيا ما لفظه: صحيح أخرجه مسلم في صحيحه، وابن السكن في صحاحه المشهورة، والترمذي في جامعه، والإمام أحمد في مسنده من طرق، والحاكم في مستدركه وصححه، والبيهقي وصححه، وأخرجه ابن حبان في صحيحه، والنسائي والطبراني في معجمه الكبير من طرق، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في تفسيره، وقد التزم أن يذكر أصح ما ورد، وابن مردويه والخطيب وابن أبي شيبة والطيالسي وأبو نعيم والحكيم والترمذي، والذين قالوا بصحته جمع غفير منهم الأئمة:مسلم وابن أبى حاتم وصالح بن محمد الأسدي وابن شاهين والحافظ أحمد بن صالح المصري والحاكم والبيهقي والحافظ ابن حجر وابن عبد البر وابن تيمية والسخاوي والقسطلاني والكمال المزي والزرقاني والسمهودي والشوكاني وغيرهم من أئمة أهل السنة والجماعة، وحدثوا الشيعة قاطبة، وقد رووه من الصحابة الامام علي والسبطان وعبد الله بن جعفر وابن عباس وأم سلمة وعائشة وسعد بن أبى وقاص وانس بن مالك وأبو سعيد الخدري وابن مسعود ومعقل بن يسار وواثلة بن الأسقع وعمر بن أبي سلمة وأبو الحمراء، فهؤلاء خمسة عشر صحابياً. وقال في ( القول الفصل ج2 ص220)، ما لفظه: واعلم أنه مما يتصل بآية التطهير وحديثها، ويثبت مقتضاها ويؤيد معناها، وينزل منها بمنزلة المعلول من العلة، والتفصيل من الجملة، ما ثبت من تحريم الزكاة عليه وآله صلى الله عليهم أجمعين، تنزيهاً لمقامهم وتقديساً لذواتهم، لأنها أوساخ الناس وغسالة الأيدي ومظنة المنة من معطيها، وكون يده العليا، ولا يليق أن يترفع عليهم أحد أو تعلو أيديهم يدٌ، فإن ذلك مباين لما يجب من تجليلهم واحترامهم ما يقتضيهم علو مكانهم . إلى آخر ما قال وأجال القلم في المضمار . وقال بعدما نقل حديث الكساء، ما لفظه: قلت: لهذا الحديث طرق جمة، وصحته وثبوته مما لا شك فيه، ولا مرية وهو نص صريح على انحصار الخصوصية العظمى في جميع ما جاء أهل بيته (ص) في هؤلاء وأبنائهم فقط، وإن دخول غيرهم في شيئ من رشاش ذلك الفضل إنما هو على سبيل التبيعية، كدخول مواليهم لا غير، فهم فقط حامة النبي (ص) وخاصته وورّاثه وخلفائه وأهل الحق وقرناء الكتاب، ولا يشاركهم في شيئ من هذا ولا ما يقاربه أحد، لا آل عباس ولا آل جعفر فضلاً عن غيرهم، بل ولا بنو علي من غير فاطمة . ثم نقل عن محب الدين الطبري أنه قال: إن إدخال النبي (ص) لهؤلاء الخمسة تكرر في بيت فاطمة وأم سلمة وغيرهما وهو الصواب، ثم قال: وقد زعم بعض حساد أهل البيت وأعدائهم: أن الآية مخصوصة بأمهات المؤمنين لوقوعها في سياق آيات متعلقة بهن، وتكلفوا، فأي تأويل تذكير الضمير من المذكورين في هذه الآية خاصة دون ما قبلها وما بعدها. وهي بضعة عشر ضميراً، واحتجوا بما افتخره عكرمة الصفري الخارجي، وحاله معلوم، ومن المشهور تردد ذلك الخبيث إلى الأمراء يستعطيهم ويستطعمهم، فغير بعيد أن ينال منهم أجراً وتشجيعاً على هذا الافتراء، إذ النصب قد كان فاشياً إذ ذاك، والتأجير على بغضهم كانت من التجارات الرابحة في تلك الأيام، كما لا يخفى على من درس التاريخ، ويقارب عكرمة في النصب عروة بن الزبير . ثم قال: والتعبير بأهل بيت النسب، هو المتعارف المتبادر فهمه، كما في خبر كعب بن عجرة عند الحاكم، يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت ، وخبر علي في مسنده عند النسائي وخبر أبي هريرة لأبي داود إذا صلى علينا أهل البيت، وخبر اللياسي وابن أبي شيبة واحمد وابن ماجه وأبي يعلى وأبي نعيم المستغفري، المهدي منا أهل البيت، إلى أن قال: ولفظ أهل وإن صح إطلاقه على بيت السكنى وأهل بيت النسب، فهؤلاء حقيقة وبالذات، ولا يتصور انفكاكهم عنه، وأهل بيت السكنى بالعرض، ويجوز أن ينفك ذلك الوصف، بأن تعود المرأة إلى بيت أبيها، وتلحق بقوم آخرين . وقوله:" هو أهل التقوى أهل المغفرة" و "وكانوا أحق بها وأهلها"، فالذين لا ينفك عنهم ذلك الوصف هم المرادون عند الإطلاق قطعاً، كما قال الأكثرون وجاءت به الروايات الجمة الصحيحة، فالآية في أهل الكساء خاصة، وهم أيضاً أهل المباهلة لم يدخل فيهم أحد آخر - إلى أن قال-: ويشهد لذلك ما صح عند الجمهور من رده (ص) لعائشة وأم سلمة، وعدم إدخاله (ص) لهما - إلى أن قال-: ومن تأمل أسلوب الآيات، وتأنيث الضمائر فيهن، ثم صرف ذلك وتغييره وتذكيره في تلك الآية وحدها وإيراد لفظ أهل البيت، منادياً لهم مخصصاً، مع تكرار النداء فيما سوى ذلك بلفظ" يا نساء النبي"، وعرف أن الإضافة إلى البيت لو تمحضت، لما كان خيراً من الإضافة إلى النبي (ص)، وكيف أفرد لفظ البيت مع أن لأمهات المؤمنين بيوتاً متعددة السكنى، وتحليته باللام التي هنا للعهد الذهني، ومن تأمل هذا، لم يبقَ عنده غبار ريب في أن القول قول الجمهور، وهو اختصاص الآية بالخمسة، وهذا القول منقول عن زين العابدين والصادق ومجاهد وقتادة والمحدث المفسر ابن جرير، أورد للقول بأن الآية في أهل الكساء أحاديث متعددة بأسانيد صحيحة وحسنة عن ثمانية من الصحابة، وذكر الآثار في ذلك عن التابعين كذلك، وقد حقق الطحاوي في مشكل الآثار استحالة دخول غير أهل الكساء معهم فيما أريدت به هذه الآية: وهو الذي لا يتخطاه مسلم منصف إذ أي شبهة تبقى بعد قوله 0ص) لأم المؤمنين لما سألته أن تكون معهم:" إنك على خير وهؤلاء أهل بيتي" أو قوله (ص) لها:" لا وأنت على خير"، وأين غفلوا عن قولها وددت أنه قال: نعم فكان أحب إليّ مما تطلع عليه الشمس وتغرب، وإذا كانت منهم فلِمَ جذب الكساء من يدها . وقد خطب الامام الحسن السبط بعد دفن أبيه وبين اختصاص أهل البيت بالخمسة بمشهد ومسمع من ابن عباس وجماعة من بني هاشم وأصحاب علي وابن مسعود، ولم ينكره أحد فهل يبقى شك بعد ذلك . وقال في رشفة الصادي ص12 ط القاهرة بمصر ما لفظه: قال الله تعالى " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس..." الآية، الرجس: القذر والدنس، والمراد هنا الإثم المدنس للقلوب، وقيل الرجس الشك، وقيل السوء، وقيل عمل الشيطان. والعموم أولى. وفي استعارة الرجس للإثم والترشيح لها بالتطهير تنفير بليغ عن اقترافه مطلقاً . والنساء ومنهم أحمد مصطفى المراغي قال في تفسيره ج22 ص7 ط مصر، ما لفظه: أهل بيته (ص) من كان ملازماً له من الرجال والأزواج والأقارب، وكلما كان المرء منهم اقرب وبالنبي أخص وألزم، كان بالإرادة أحق وأجدرالله . وعن ابن عباس قال:" شهدنا رسول (الرجس ص) تسعة اشهر يأتي كل يوم باب علي بن أبى طالب عند وقت كل صلاة، فيقول:" السلام عليكم ورحمة الله، إنما يريد الله ليذهب عنكم أهل البيت ويطهركم تطهيراً، الصلاة يرحمكم الله" خمس مرات . ومنهم النظام النيسابوري في تفسير ذيل آية التطهير، ما لفظه: وقد مر في آية المباهلة أنهم أهل العبا،النبي (ص) لأنه أصل وفاطمة رضي الله عنها والحسن والحسين رضي الله عنهما بالاتفاق، والصحيح أن علياً رضي الله عنه منهم لمعاشرته بنت النبي (ص) وملازمته إياه . وقد اختلف المفسرون في المراد بأهل البيت المذكورين في الآية الكريمة، فمن قائلين أهل بيته (ص) نساؤه، مستمسكين بظاهر سياق الآيات منهم عكرمة وعطاء ومقاتل . ويرد على هذا القول مع ما يأتي من الأحاديث الصريحة قول مجاهد وقتادة وأبي سعيد الخدري، وغيرهم أنها لو نزلت في نسائه (ص) خاصة، لكان الخطاب في الآية بما يصلح للإناث، ولقال تعالى: عنكن ويطهركن، كما في الآية قبلها- إلى أن قال-: وهذا القول" أي القول بعموم شمول آية للزوجات" أيضاً لا يطابق ما سيرد من الأحاديث، والزوجات الطاهرات، وإن كن داخلات في عموم الآية بمقتضى السياق، لكن الخصوص موجه إلى علي وفاطمة وابنيهما، ولو كان غير علي وفاطمة وابنيهما مقصوداً أو مشاركاً في المعنى المراد بأهل البيت، وهو موجود عند نزولها، لقال (ص) حين جلل علياً وفاطمة وابنيهما رضوان الله عليهم بالكساء المقدس هؤلاء أهل بيتي، ولكنه حصر المعنى عليهم، فقال: هؤلاء أهل بيتي. وما كان تخصيصهم بذلك منه (ص) إلا عن أمر إلهي، ووحي سماوي . والذي قال به الجماهير من العلماء وقطع به أكابر الأئمة وقامت به البراهين وتظافرت به الأدلة: أن أهل البيت المرادين في الآية هم: سيدنا علي وفاطمة وابناهما، إذ المصير إلى تفسير من أنزلت عليه الآية متعين . دعوا كل غير قول محمد، فعند بزوغ الشمس ينطمس النجم، فإنه صلوات الله وسلامه عليه وآله هو الذي يفسرها، بأن أهل بيته المذكورين في الآية الكريمة هم علي وفاطمة وابناهما، بنص الأحاديث الصحيحة الواردة عن أئمة الحديث المعتد بهم رواية ودراية، فقد أخرج الامام أبو عيسى الترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في سننه من طرق عن أم سلمة زوج النبي (ص) ورضي الله عنها قالت: في بيتي نزلت:" إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس..." الآية. وفي البيت فاطمة وعلي والحسن والحسين، فجللهم رسول الله (ص) بكساء كان عليه ثم قال: هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً . ثم كر الرواية بطرق عديدة.... ثم ذكر بلفظه وأخرجه الطبراني أيضاً، إلى أن قال: والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وبما أوردته منه يعلم أن المراد بأهل البيت في الآية الكريمة هم: علي وفاطمة وابناهما رضوان الله عليهم، ولا التفت إلى ما ذكره صاحب روح البيان: من أن تخصيص الخمسة المذكورين عليهم، بكونهم أهل البيت هو من أقوال الشيعة، لأن ذلك محض تهور يقتضي بالعجب، وبما سبق من الأحاديث، وما في كتب أهل السنة السنية يسفر الصبح لذي عينين، - ثم ساق أبياتاً سنذكرها فيما بعد أن شاء الله تعالى ذكره وعز مجده . انتهى قوله. ومنهم محمود الآلوسي مفتي العامة ببغداد في تفسير روح المعاني ج22 ص14 ط القاهرة بمطبعة المنيرية، بعدما ذكر الحديث عن طرق عديدة قال ما لفظه: وأخبار إدخاله (ص) علياً وفاطمة وابنيهما رضي الله تعالى عنهم تحت الكساء، وقوله (ص): اللهم هؤلاء أهل بيتي، ودعائه (ص) لهم وعدم إدخاله (ص) أم سلمة أكثر من أن تحصى، وهي مخصصة لعموم أهل البيت بأي معنى كان البيت في المراد بهم من شملهم الكساء ولا يدخل فيهم أزواجه. ثم قال الآلوسي: وصح عن زيد بن أرقم في حديث أخرجه مسلم: انه قيل له: من أهل بيته؟ نساؤه؟ فقال: لا أيم الله، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها، فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده (ص) . ومنهم السيد صديق حسن خان الحسيني في تشريف البشر بذكر الأئمة الإثني عشر ص4 ط بهوبالن ما لفظه: المراد من الآل علي وفاطمة والحسنان، ويدل عليه آية التطهير والكساء . ومنهم النبهاني في الشرف المؤبد لآل محمد (ص) ص6 ط مصر، ما لفظه: واختلف المفسرون في أهل البيت في هذه الآية، فذهبت طائفة، منهم أبو سعيد الخدري وجماعة من التابعين منهم مجاهد وقتادة وغيرهم كما نقله الامام البغوي وابن الخازن، وكثير من المفسرين إلى أنهم أهل العبا، وهم رسول الله (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، وذهب جماعة منهم ابن عباس وعكرمة إلى أنهم أزواجه الطاهرات قال: هؤلاء الآيات كلها من قوله تعالى:" يا أيها النبي قل لأزواجك - إلى قوله - إن الله كان لطيفاً خبيراً" منسوباً بعضها على بعض، فكيف صار في الوسط كلام لغيرهن؟ أجاب عن ذلك القائلون بأن المراد أهل العبا، بأن الكلام العربي يدخله الاستطراد والاعتراض، وهو تخلل الجملة الأجنبية بين الكلام المتناسق كقوله تعالى:" إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون وإني مرسلة إليهم بهدية"، فقوله:" وكذلك يفعلون" جملة معترضة من جهة الله تعالى بين كلام بلقيس. وقوله تعالى:" فلا اقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم"، أي فلا أقسم بمواقع النجوم لقرآن كريم، وما بينهما اعتراض على اعتراض، وهو كثير في القرآن وغيره من كلام العرب . وقد ثبت من طرق عديدة أن رسول الله (ص) جاء ومعه علياً وفاطمة والحسن والحسين قد أخذ كل واحد منهما بيدٍ، حتى دخل فأدنى علياً وفاطمة واجلسهما بين يديه وأجلس حسناً وحسيناً كل واحد على فخذه ثم لف عليهم كساءً ثم تلا عليهم الآية:" إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" قالت أم سلمة فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي، فقلت: وأنا معكم يا رسول الله؟ فقال: إنك من أزواج النبي (ص) على خير . [ الصفحة السابقة ] [ البداية ] |