الفرق بين الحجاب والستر والتغطية      

       ولعلك تسأل، ما الفرق بين الستر والتغطية والحجاب ؟

       فنقول:- أن الحجاب أعم من الستر والتغطية، فهو يشملهما، فغطى الشيء : ستره، وستر الشيء : غطاه ، والستر _بالفتح_ هو الإخفاء .

       فالستر هو ما يسترك عن غيرك وإن لم يكن ملاصقاً لك مثل الحائط والجبل، والغطاء لا يكون إلا ملاصقاً . ألا ترى أنك تقول تسترت بالحيطان ولا تقول تغطيت بالحيطان، وإنما تغطيت بالثياب لأنها ملاصقة لك .

       أما الحجاب فهو في اللغة: الشيء الذي يحول بين شيئين، ولذلك أطلق على الغشاء الموجود بين الأمعاء والقلب والرئة، اسم الحجاب الحاجز. فتقول حجبني فلان عن كذا، ولا تقول سترني عنه ولا غطاني، وتقول احتجبت بشيء كما تقول تسترت به . فالحجاب هو المانع والممنوع به، والستر هو المستور به. ويجوز أن يُقال حجاب الشيء ما قُصد ستره، ألا ترى أنك لا تقول لمن منع غيره من الدخول إلى الرئيس داره من غير قصد المنع له أنه حجبه، وإنما يُقال حجبه إذا قصد منعه، ولا تقول احتجبت بالبيت إلا إذا قصدت منع غيرك عن مشاهدتك، ألا ترى انك إذا جلست في البيت ولم تقصد ذلك لم تقل أنك قد اجتجبت. وفرق آخر أن الستر لا يمنع من الدخول على المستور، والحجاب يمنع (1).  

       ويستعمل في القرآن الكريم بمعنى الحائل أو الساتر في كل موضع .       أما كلمات الفقهاء، فقد استعملت كلمة الستر فيما يتعلق بلبـاس النساء على الأخص منذ قديم الأيام وإلى يومنا هذا. وورد في الروايـات الإسلامية هذا التعبير أو ما يشبهه .

       واستعمال كلمة الحجاب بشأن لباس المرأة اصطلاح ظهر في عصرنا على الأكثر، وإذا وجد في التواريخ والروايات فقليل جداً .

       فالستر والتغطية مترادفان في المعنى، لكن إذا أريد تغطية بدن الإنسان أو عورته يُعبَّر بكلمة الستر، بينما على غير الإنسان يُعبَّر بكلمة تغطية، وهذا غالباً. فيقال احتجبت الشمس بالغيم أو الجبال، ولا يقال تسترت، ويقال ستر الانسـان عورته، ولا يقال حجبها، فالأول لا يلازم الالصـاق، فبين الشمس والغيم أو الجبال مسافات كبيرة، بينما الثاني يلازم الملاصقة غالباً .

       أما الحجاب، فيراد منه غالبا الحائل والفاصل، وفي الإنسان هو الستر، لكن إذا أريد به المرأة شمل جميع ما تتغطى به المرأة من ثياب حائلة دون رؤية بشرتها، بما في ذلك الوجه والكفان(1).

      ولذا نبه في الفتاوى_ في محرمات الاحرام للمرأة_ بعدم جواز التستر والتغطية، ووجوب التحجب، وهذا يعني تغطية الوجه والكفين _ أقول حجبهما ولا أقول سترهما، فسترت المرأة يديها أي لبست القفازين للمرأة_، وليس من المعقول القـول بتغطية الجسم وشعر الرأس دون الوجه، لأنه لا يجوز كشف جزء من الجسـم أو شعر الرأس بأي حال من الأحوال، إلا في حالة الضرورة المبيحة للمحرم، ولذا اقتضى وجوب تغطية الوجه .

       وبعد هـذا تبين لك بأن ما ادعاه أولئك من تناقض بين الفتويين، محض افتراء، أو جهل بالمسألة، أو عدم فهمها، أو تحريف الكلم عن موضعه، أو تحقيق أغراض هدامة .

الفهرس البداية