ستر الوجه وإحرام المرأة في الحج والعمرة وأقوال الفقهاء 

       { العشرون_من تروك الإحرام-ستر الوجه للنساء :

       "مسألة167": للمرأة المحرمة أن تتحجب من الأجنبي بإسدال ثوبهـا على وجهها، بأن تنزل ما على رأسها من الخمار أو نحوه إلى ما يحاذي أنفها بل إلى نحرها، والأظهـر عدم لزوم تباعد الساتر عن الوجه بواسطة اليد أو غيرها، وإن كان ذلك أحوط(1)}(2).

       ياء :- قال سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد اسحاق الفياض "دام ظله العالي" في تعاليقه على منـاسك سيد الأساطين السيد الخوئي "عطر الله مثواه المقدس" :-

       {العشرون : ستر الوجه للنساء :

       (مسألة 266):"لا يجـوز للمرأة المحرمة أن تستر وجهها بالبرقـع أو النقـاب أو ماشابه ذلك، والأحوط أن لا تستر وجهها بأي سـاتر كان "، وعلق الشيخ الفياض على ذلك بقوله "بل على الأظهر أن لا تستر وجهـها بأي ساتر كان ".

       ثم قال السيد الخوئي(قده)"كما أن الأحوط أن لا تستر بعض وجهها أيضـاً "، وعلق الشيخ الفياض على ذلك بقوله " لكن الأظهر الجواز …. ولكن مع هذا فالاحتياط في محله . ثم أن هناك طائفة أخرى من الروايـات التي تنص على أنه يجوز للمرأة المحرمة أن تسدل ثوبها على وجهها إلى الذقن، وإذا كانت راكبة فإلى النحر ".

       ثم قال السيد الخوئي (قده) " نعم، يجوز لها أن تغطي وجهها حـال النوم ولا بأس بستر بعض وجهـها" وعلق الشيخ الفياض على ذلك بقوله    "بل إلى الذقن إذا لم تكن راكبة، وإلى النحـر إذا كانت راكبة، شريطة أن يكون اسدال ثوبها من فوق رأسها، وتدل على ذلك مجموعة من الروايات ".

       ثم قال السيـد الخوئي (قده) "… مقدمة لستر الرأس في الصـلاة، والأحوط رفعه عند الفراغ منها " وعلق الشيخ الفياض على ذلك بقوله "لا بأس بتركه، لما مر من أنه لا دليل على حرمة ستر بعض الوجه عليها " .

       (مسألة267): " للمرأة المحرمة أن تتحجب من الأجنبي" وعلق الشيخ الفياض على ذلك بقوله " إذ لا فرق في وجوب الحجاب عليها من الأجنبي بين حال الاحرام وغيرها " .

       ثم قال السيد الخوئي (قده) " .. بأن تنـزل ما على رأسها من الخمار ونحوه إلى ما يحاذي أنفها أو ذقنها. والأحوط أن تجعل القسم النـازل بعيداً عن الوجه بواسطة اليد أو غيرها " وعلق الشيخ الفياض على ذلك بقوله " لا بأس بتركه، فإن الروايات مطلقة من هذه الناحية، ومقتضى اطلاقها أنه يجوز لها أن تنزل ما على رأسها من الخمار أو الثياب إلى ما يحاذي الذقن أو النحر إذا كانت راكبة وإن لامس وجهها مباشرة "}(1).   

       كاف:- قال الحاج سماحة الشيخ ميرزا حسن الحائري الأحقاقي "دام ظله" :-

       { التاسع من محرمات الإحرام: النقاب للنساء، أعني يحرم عليهن ستر وجههن بشيء يمس وجههن، بل تستره بشيء بحيث لا يمس وجهـها، وهو أن يعلقن المقنعة من رأسهن إلى طرف الأنف، بل إلى الذقن، بحيث لا تلصق، ولا تمس بشرة الوجه، بل تبعدها عن البشرة بعود، ونحوه .

       والأحسن ما هو متداول في بعض البلاد، وهو أن تعمل شيئاً مشبكاً كالمروحة اليدوية وتخيطه بأطراف الإزار، وتجعله قبال وجهها}(1).

     أقول: يستفاد من قول الشيخ" بل تستره بشيء بحيث لا يمس وجهها "، أن الشيخ يرى وجوب الحجـاب بتغطية الوجه ، حال الاحرام وغيره .

       تلك بعض الفتاوى لبعض من الفقهاء، أخذت من رسائلهم العملية، والآن دعنا نستعرض بعضاً من الاستفتاءات التي وردت لبعض من الفقهاء .

       ثانياً :- بعض الاستفتاءات الموجهة إلى بعض من الفقهاء :-

       ألف :- سؤال وجه لزعيم الطائفة في عصره الإمام الحكيم " عطر الله مرقده الشريف، وصب عليه شآبيب رحمته":

      {س:هل يجوز للمرأة(2)تغطية وجهها بعباءة ونحوها،مع علمها بإصابتها وجهها ؟

       جواب : لا يجوز، نعم لها ستر وجهها بمنديل يستره من دون التصاق به، والعباءة لا بأس بها إذا كان الستر كذلك(3)}(4).

            باء :- سؤال وجه للسيد الخوئي "طاب ثراه" :  

       { س : الأحوط للمرأة أن تستر وجهها عن الأجنبي، ويجـوز لهـا في الإحرام ذلك، فهل هذا الاحتياط باقٍ حتى في حالة الإحرام أم لا ؟

       جواب : لا يجـوز لها ستر الوجه حال الإحرام بالبرقع أو النقاب، بل الأحوط(1)عدم الستر بأي ساتر، ولا بأس عليها بالتحجب عن الأجنبي بما لا يمس وجهها، بل يجب على الأحوط(2)}(3).    

       جيم :- سؤال وجه للسيد الروحاني "عطر الله مرقده الشريف":

       { نفس السؤال الذي وجه للسيد الخوئي"قدس" :

       جواب:- لا يجـوز لها حال الإحرام ستر الوجه بالبرقع أو النقـاب وغيرهما، مما يلاصق الوجه، ولا مانع من إسدال الخمـار وإن لامس الوجه أحيانا، والاحتياط باقٍ حتى في حال الإحرام }(4).

       دال :- سؤال وجه للسيد الشيرازي "دام ظله":

       {س : هل يجوز للمرأة _أي المحرمة_تغطية وجهها بعباءتها ونحوها مع علمها بإصابتها وجهها ؟

       جواب :- لا بأس بإسدال ما على رأسها، على وجهها وإصابة الوجه أحيانا لا بأس به، والله العالم }(1).          

       وبعد هذه المقتطفات من فتاوى الفقهاء، وبعض من الاستفتـاءات، حول ستر المرأة المحرمة وجهها حال الإحرام، نستنتج فوائداً، فنقول :-

       الفائدة الأولى:- يلاحظ من كلمات الفقهاء، أن المحرَّم هو ستر الوجه لا الحجاب، وشتان ما بين الكلمتين، فستر الوجه هو تغطيته بخمار أو رداء  يلاصقه، أما الحجاب فهو إخفاء الوجه عن الناظرين بلا ملاصقة .

       وهذا الفرق يظهر لنا جليـاً من جواب الاستفتاء المزبور الموجه للسيد الخوئي (قدس)، حيث أنه لم يجـوِّز للمحرمة ستر الوجه حال الإحرام، ثم أوجب عليها التحجب عن الأجنبي حال الإحرام، فلو كان معنى الستر هو الحجاب، لما نهى عنه في أول القول، ثم أوجبه في آخره، وكذلك يظهر هذا الفرق من كلام الشيخ الفياض (دام ظله) بقوله"لا فرق في وجوب الحجاب عليها من الأجنبي بين حال الاحرام وغيرها "، فلو أن ستر الوجه هو الحجاب لما أوجبه حال الاحرام وغيره، فذاك شئ، وهذا شئ آخر، فافهم واغتنم يا لبيب .

       الفائدة الثانية :- أن الفقهاء قد اشترطوا في الحرمة إلصاق الساتر أو الغطاء ببشرة الوجه، أما إذا لم يكن هناك إلصاق فلا حرمة،بل هو الواجب، أعني تغطية الوجه بشرط عدم ملاصقة الوجه .

       الفائدة الثالثة :- أن الفقهاء قد جـوَّزوا إسدال الخمار أو القنـاع أو البوشية أو العباءة أو الثوب أو ما شابه ذلك، حسب اختلاف تعابيرهم، بل إن أكثرهم أوجب ذلك .

       الفائدة الرابعة :- يلاحظ أن كلمات الفقهـاء في أوائل الفتاوى " لا يجوز ستر أو تغطية الوجه بالنقاب أو البرقع "، ثم يختمونها بجواز أو وجوب إسـدال القناع أو الثوب أو الخمار أو العباءة أو البوشية أو المقنعة، ولكن لم نرَ فقيهاً واحداً من المذكورين قد جوَّز _فضلاً عن الوجوب_ إسدال البرقع أو النقاب دون ملامسة، بل كانوا يعبرون بإسدال القناع أو الثوب أو الخمار أو العباءة أو البوشية . فمن هذا الكلام يتبين لنا، أن البرقع والنقـاب ليس بحجابين شرعيين للمرأة المؤمنة .

       وقد ذكر أحد المؤلفين الفضلاء، بأن { ما ذكر من ستر الوجه للنساء من محرمات الإحرام،لا يعني عدم وجوب الحجاب(1)على النساء كما يتوهم، بل الممنوع هو إلصـاق القناع ونحوه بالوجه، ولذا نبه في الاستفتـاءات(2) وغيرها على ذلك، على أن مماسة الساتر للوجه لا تضر عند بعض الفقهاء، ولتُـلاحظ المسألة، وليعتمِد(3)المقلِّد _بالكسر_رأي مقلَّده _بالفتح_، والله العاصم }(4).

       ولهذا، فيجب على المرأة المحرمة أن تتحجب بشكل كامل، بحيث لا يرى الناظر الأجنبي وجهـها، بشرط أن لا يلتصق الحجاب ببشرة الوجه، وإن لامسها عن غير عمد وبدون قصد فلا بأس كما عرفت عند الفقهـاء المذكورين .

       وتستطيع المرأة المحرمة أن تفعل ذلك، بما ذكره الشيخ الأحقاقي كما عرفت سابقاً . أو أن تضع المرأة المحرمة قبعة(1) على رأسها، بحيث يكـون الزائد قبال وجهها، ثم تضع البوشية أو العباءة منسدلة عليها، أعني الإرخاء أو الإسدال للبوشية، وبهذا تغطي وجهها وتستره عن رؤية الناظر الأجنبي ، وتكون محافظة أيضاً على عدم مماسة الساتر المنسدل لبشرة الوجه .

       فيجب على المرأة المحرمة أن تتحجب، بأن تظلل على وجهها بالبوشية _مثلاً_، ولا يجـوز لها أن تسفر عن وجهها، كما لا يجوز لها أن تستره بما يلاصق بشرة وجهها

الفهرس البداية