المقدمة

       الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسـلام على سيدِ الخلق أجمعين، وأشرفِ الأنبياء والمرسلين، سيدنا ونبينا وشفيع ذنوبنا أبي القاسم محمد و آله الطيبين الطاهرين الذينَ أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا .        

        لا شك أن المرأة نصف المجتمع، ولها كرامتها واحترامها كإنسانٍ يعيش على ظهر هذا الكوكب، وليست المرأة مخلوقاً غريباً في هذا العالم، ولا عنصراً أجنبياً في هذه العالم، بل هي من صميم هذه الحياة .

       وبما أن الإسلام دين الحياة، فقد أولى المرأة اهتماماً كبيراً ، وشملـها برعايته وعطفه وحنانه،فوضع لها الأحكام الحكيمة، والقوانين العادلة لمختلف جوانب حياتهـا الفردية والعـائلية،والاجتماعية،و…… و……، وترك لها فرصة تمكنها من السمو إلى صفوف الملائكـة، والوصول إلى الدرجات العالية في الدنيا والآخرة .             

       وبما أن طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجـل من الناحية الاجتماعية ومن جوانب أخرى، فإن من الطبيعي والحكمة أن يكون هناك فرقٌ بينها وبين الرجل في بعض الأحكام والقوانين، ولم يأتِ هذا الفرق إلا انسجامـاً مع طبيعة المرأة واتفاقاً مـع نفسيتها ومركزيتها، وليس تنقيصاً لها .

       ويأتي قانون الحجاب في طليعة القوانين الشرعية التي قررها الإسـلام وفرضها على المرأة لضمان سعادتها والحفاظ على عزتها وكرامتها .

       وقد تعرض الحجـاب من قبل أعداء الإسلام ومن بعض المشتبهين في مسألة الحجاب،لحملات عنيفة، زاعمين أن الحجاب عبارة عن كبت للمرأة، ولا يسمح لها بالحرية الكاملة_على حد زعمهم_ . ومن الغريب جداً أن يتعرض الحجاب لتحويرات في مفهومه، فتارة يعبرون عنه بأنه غطاء للشعر فقط، وتارة أخرى أنه غطاء لبعض الوجه، فيطلقون فتاواهم ؟!! بأنه لا بأس أن تكشف المرأة وجهها أو بعضه، وهذا ما يسمى بالنقـاب أو البرقع ، وهنا تكمن المصيبة الكبرى، حيث أنه بداية السفور والانحلال .

       وهؤلاء يضربون بمعاولهم الهدامة_من حيث يشعرون أو من حيث لا يشعرون_على الوتر الحساس في المجتمع، ألا وهو النساء ، كما هو ديدن الشيطان، إذا عجز عن غواية الرجـل، دخل إليه عن طريق المرأة .

       وفي هذه العجالة سنتعرض لبعض أقوالهم ثم ندفع شبهاتهم . ويجب أن نضع نصب أعيننا فتاوى الفقهاء بشكل كامل، ولا نترك جزءاً منها كما يفعله أولئك، فيأخذ من الفتوى ما وافق هواه ويترك ما لا يوافقه . نعم سوف ننظر إلى بعض الآيـات والروايات التي أشارت إلى مسألة الحجاب وما قاله العلماء حولها، ولكن يجب أن نفهم أن ما نتوصل إليه لا يجوز الأخذ به على أنه مفهوم آية أو رواية . أما أقوال الفقهاء فنحن مأمورون بالأخذ والعمل بها لأنه " يجب على العامي أن يكون مقلداً في جميع أقواله وأفعاله في فروع الدين"، بغض النظر عن مفهوم الآية أو الرواية، لأنه لا يحق لغير المجتهد التصدي لاستنباط الأحكام الشرعية من القرآن الكريم أو الروايات الشريفة، والله من وراء القصد، وهو الهـادي إلى سواء السبيل .

       أما عن طريقة عرض هذا الموضوع عبر شبكة الإنترنت بواسطة موقع النور فقد ابتدأنا بالمهم فالأهم، فمثلاً بحثنا أولاً عن الادعاءات التي أُثيرت حول السيدة زينب عليها السلام، ثم يحثنا عن الادعاءات التي أُثيرت حول السيدة الزهراء عليها السلام،لكونها أهم من ابنتها، وهكذا ، فالمحور على ذلك : أننا كلما تقدمنا زادت الأهمية، وذلك لا يعني أن التفاسير أو البحث عن الاحتياطات أو فتاوى الفقهاء، أفضل من الزهراء وابنتها عليهما السلام لكن فتوى الفقيه إبتلاء المكلـف، لأن على ذلك مدار عمله، صحته أو عدمه، فمعرفة الزهراء والأئمة وبقية الطاهرين لهو من أصول الدين، أما الفتاوى فهي من فروع الدين، ولا تقاس الأصول بالفروع، فلا بد للمكلف من الاعتقاد بها، أما فروع الدين فلا يصل لها إلا من خلال الاجتهاد أو التقليد، فإذاً لا بد أن يكون التركيز عليـها أكثر ، لتوضيح مراد الفقيه بشكل  حقيقي ومفصَّل .

الفهرس البداية