النور التاسع الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام نسبه الشريف : هو الإمام الثامن من أئمة الشيعة الإثنى عشرية - أعزهم الله تعالى - حجة الحق والخليفة على عامة الخلق ، الناهج في مناهج القضاء علي الثالث من العليين الأربعة أبي الحسن علي ابن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين . فنسبه (ع) من نسب والده الإمام العظيم (ع) منتهياً بأبي الحسن علي بن أبي طالب (ع) وبالنبي الأكرم محمد( ص) . أما أمه فهي أم ولد ، وهذا اللقب كان يطلق على الجارية التي تحمل وتلد من سيدها ومالكها ، وكان يمنع بيعها بعد الولاده وتصبح حرة ، لا تباع بعد وفاة ما لكها . ولآمه (ع)
أسماء وألقاب وكنى عديدة منها :
نجمة ، وسمانة ، وتكتم ، وصفر ،
وأروى ، وسكن النوبية ، والطاهرة
، وخيرزان المريسية ، وأم البنين
. ولادتــه : ولد الإمام علي بن موسى الرضا (ع) في المدينة المنورة يوم الجمعة ، وقيل يوم الخميس الحادي عشر من شهر ذي القعدة الحرام من سنة ثمان وأربعين ومائة للهجرة النبوية الشريفة . كنيته وألقابه : أما كنيته ،
فهي ككنية جدة أمير المؤمنين (ع) (
أبو الحسن ) ، ولهذا يعرف الإمام
الرضا عليه السلام بأبي الحسن
الثاني . سنوات عمره وحياته بشكل عام : عاش الإمام الرضا (ع) أربعاً وخمسين سنة وأشهراً على المشهور ، وعلى ما هو ممشهوراً أيضاً فإنه (ع) ولد في السنة االتي استشهد فيها جده الإمام الصادق (ع) وعاش (ع) مع أبيه الإمام موسى بن جعفر (ع) ما يقرب من أربعة وثلاثين سنة ، وكانت مدة إمامته وخلافته بعد أبيه ما يقرب من عشرين سنة . مـلـوك عصره : عاصر (ع) بقية حكم هارون الرشيد عشر سنين وخمسة وعشرين يوماً ، ومن بعده ابنه محمد بن هارون المعروف بالأمين وهو ابن زبيدة ، ثلاث سنين وخمسة وعشرين يوماً ، خُلع بعدها وأجلس مكانه عمه ابراهيم أربعة عشر يوماً ، ثم خرج محمد بن زبيدة من السجن بعدها ، وبويع ثانيةً ، فملك سنه وستة أشهر وثلاث وعشرين يوماً ، ثم تغلب عليه وقتله أخوه ابن الجارية عبدالله المأمون الذي ملك عشرين سنة وثلاث وعشرين يوماً ، والذي أنتهت حياة الإمام الرضا (ع) وإمامته في عهد المأمون ، بعد مضي خمس سنوات من حكمه . النص على إمامته وخلافته : نص
الإمام موسى الكاظم (ع) على إمامة
ابنه الإمام الرضا بمرويات منها
: وروي
عن داود الرقي قال : قلت لأبي
ابراهيم (ع) جعلت فداك : اني قد
كبر سني فخد بيدي وأنقذني من
النار . من صاحبنا بعدك قال :
فأشار إلى ابنه أبي الحسن (ع)
فقال : زوجاته وأولاده (ع) : تزوج الإمام سلام الله عليه زوجات عديدة ، نعرف منهن ام حبيب بنت المامون ، وسبيكة أم الإمام الجواد الذي سيلي ذكر احواله (ع) إن شاء الله تعالى . والمعروف عندنا - معاشر الإمامية - أنه لم يولد له (ع) سوى الإمام محمد الجواد (ع) ولم يخلف سواه من الأولاد ، وأمه أم ولد وكنيتها أم البنين واسمها تكتم وسبيكة كما مر . وقيل سكن ، وقيل أروى ، وقيل نجمة ، وهو (ع) وأخوه القاسم (ع) واخته المعصومة (ع) في قم من ام واحدة . وقيل عن بعض العامة انه ولد للإمام الرضا (ع) خمسة ذكور وأنثى واحده هم : محمد الجواد ، والحسن ، وجعفر ، وإبراهيم ، والحسين ، وعائشة ، وهو خلاف المعروف عند اصحابنا . زهـده عليه السلام : ومن زهده (ع) أن جلوسه في الصيف على حصير ، وفي الشتاء على مسح ، ولبسه الغليظ من الثياب ، فإذا برز للناس تزين لهم بأزين اللباس ، وكان كل كلامه (ع) وجوابه وتمثاله انتزاعات من القرآن واقتباس من آياته ، وكان (ع) يختمه في كل ثلاثة أيام مرة ويقول : لو أردت أن أختمه في أقل من ثلاث أيام لختمته ، لكنني ما مررت بأيه قط ، الا تفكرت فيها وفي أي شيئ نزلت ، وفي أي وقت ، فلذلك صرت أختمه في كل ثلاث أيام مرة . عبادته (ع) : ومن عبادته (ع) ما رواه عبدالسلام بن صالح الهروي قال : جئت إلى باب الدار التي حبس فيها أبو الحسن الرضا (ع) بسرخس ، فاستأذنت عليه السجان فقال : لا سبيل لك عليه : فقلت ولِم ؟ فقال :لأنه ربما صلى يومه وليلته ألف ركعة ، وإنما ينفتل من صلاته ساعة في صدر النهار وقبل الزوال وعند أصفرار الشمس ، فهو في هذه الأوقات يناجي ربه . كرم أخلاقه عليه السلام : ومن ذلك
ما حكاه عمه ابراهيم بن العباس
قال : ما رأيت ابا الحسن الرضا (ع)
جفا أحداً بكلامه قط ، ولا رأيته
قطع على أحد كلامه قط حتى يفرغ
منه ، ولا ردا أحداً عن حاجه قط ،
ولا مد رجليه بين يدي جليس له قط
، ولا رأيته يشتم أحد من مواليه
ومماليكه قط ، ولا رأيته يقهقه
في ضحكه قط ، بل كان ضحكه (ع)
التبسم ، وكان إذا نصب ما ئدته
أجلس معه عليها ماليكه ومواليه
حتى البواب والسايس ، وكان قليل
النوم باليل كثير السهر يحيي
لياليه بالعباده من أولها إلى
الصبح . ولا ينافيه ما ورد فيه (ع) أنه أسمر اللون مع ان الأسمر هو الذي بياضه مشوب بالحمرة فيسمى عند العرب أسمر وأن الإمام (ع) لا يظهر للناس من كل شيئ إلا ما تحتمله عقولهم ولا تنحسر عنه أنصارهم ولا تنفر منه بصائرهم . وروي ان النبي (ص) كان يسمع أصحابه من صوته في قرآءته القرآن ما تحتمله عقولهم ، ولو أسمعهم صوته لماتوا من سماعه . ولا شك أن نورهم واحد ، وطينتهم واحدة من ذلك النور العظيم ، قال تعالى (( ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم )) ولهذا كان الأئمة (ع) يظهرون لخواص شيعتهم الكرام على حسب الحالات التي تحتملها عقولهم في كل مقام ، فهم مظاهر الحقيقة الأحدية ، والحجة على جميع البرية ، فلا بد من ظهورهم لكل واحد بما يناسب القابلية ، وليس هذا بغريب ، ولا منهم بعجيب . مصائبه وصبره عليه السلام : لقد
ابتلى هذا الإمام العظيم بمصائب
جمة تجرعها (ع) بصبر وثبات ، ومن
ذلك مصائب الواقفية . بل إن البشر تأبى ذلك فهل يرضى شخص كمدير أو رئيس أن ينصب شخص غيره نائباً له ، فإن ذلك يعتبر تدخلاً في شؤونه الشخصية ، فالمدير هو الذي يضع له نائباً وليس غيره ، وكذلك الرئيس فإذا كان هذا حال الناس ، فكيف بالله تعالى ، وهو منزه عن الأستشارة والأهواء والميول . ولذا نرى في القرآن الكريم أنه تعالى قد نسب " جعل " الخلافة والإمامة أي تعيينها وتقريرهما إلى ذاته المقدسة في كل اية منها شيئاً فيقول عز من قائل :(( يا داود إنا جعلناك خليفةً في الأرض )) سورة ص اية 26 ، ويقول في حق ادم (ع) (( إني جاعلٌ في الأرضِ خليفة )) سورة البقرة اية 30 ، وفي حق ابراهيم (ع) ((إني جاعلك للناس إماماً )) سورة البقرة اية 124وفي حق نبينا المصطفى محمد (ص) ((إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا )) سورة الفتح اية 8، فكذلك أمر الخلافة والإمامة ، وجعل الإمام بعد الإمام ليس ألا بيد الله تعالى حتى أن النبي والإمام لا يمكنهما جعل الخليفة إلا بأمر منه تعالى وبأذن منه وتعيين منه تعالى ، ولذا كان طلب نبي الله موسى (ع) من ربه تعالى ان يجعل له وزيراً . قال تعالى (( وجعل لي وزيراً من أهلي )) سورة طه اية 29 ، وقال تعالى في حق نبينا (ص) (( وما ينطق عن الهوى () إن هو إلا وحي يوحي )) سورة النجم ايه 3 و4 ، وقال تعالى (( ولو تقول علينا بعض الأقاويل )) سورة الحاقة اية 44 ومع ذلك بعد كل تلك التأكيدات التامة من الإمام الكاظم (ع) في ولده الرضا (ع) وأخد العهود والمواثيق الأكيده من أصحابه على الأقرار بإمامته دون بقية ذريته ن فقد انحرف من شيعة الكاظم (ع)عن ابنه الرضا (ع) وقالوا بوقف الإمامية على الكاظم (ع) وانه بعد وفاته وشهادته قد انقطعت الإمامة والخلافة وهم المعروفون "بالواقفية " بل قيل أن سبب انحرافهم أن رؤسائهم كانت بأيديهم من الأوقاف والأموال المتعلقة بإمام زمانهم شيئ كثير . فطمعاً بأكل تلك الأموال أنكروا إمامة الرضا (ع) وقالوا بالوقف على الكاظم . ثم بعد ما علم أتباعهم بفساد نيات رؤساهم ، وتشرفوا بخدمة الإمام الرضا (ع) ورأوا منه المعاجز الكثيرة أذعنوا لإمامة الرضا (ع) ، وبقى شرذمة قليلة منهم على غيهم وظلالهم . ولاية الإمام الرضا عليه السلام لولاية العهد : كان المامون !! احد علماء عصرة المتفقهين ، وكان مطلعاً على الفلسفة راوياً للأخبار واقفاً على علوم الكلام والفقه وسواها ، ولذا كان يعرف جيداً أن الخلافة والإمامة والأمر على المسلمين هي حق لآل علي أبناء فاطمة الزهراء عليهما السلام . وكان يقيم في بلاد خراسان قبل أن ينقل خلافته إلى بغداد ، وكان معظم اهل خراسان من الشيعة ، فكان يتقرب إليهم ويتظاهر بالتشيع وحمل جماعة من آل أبي طالب (ع) من المدينة المنورة إلى مرو ، وحمل الإمام الرضا (ع) إلى طوس ، وظهرت للإمام (ع) في طريقه وبعد وصوله إلى تلك البلاد معجزات كثيرة وآيات وكرامات باهرة وألطاف زائدة على كافة الخلق ، حتى رضى عنه العدو والصديق والمؤالف و اجتمع إليه الناس واختلفت إليه الشيعة وتعاكفت عليه قلوب الخلق من جميع الطبقات . حتى خاف المأمون من ذلك على زوال ملكه وسلطنته . ففكر( لع) بحيلة تجعل الناس ينفرون عن أبي الحسن (ع) فعرض على الإمام (ع) الخلافة ، وأظهر على أنه عازم على خلع نفسه عنها وتفويض الأمر إلى الإمام الرضا (ع) فأنكر الإمام (ع) عليه ، وجرت مناظرة بين الإمام (ع) والمامون ، مؤداها أن الإمام (ع) قال له بما معناه : إذا كان الله تعالى قد البسك ثوب الخلافة فلا يحق لك ان تخلعه بدون أذنه وتعطيها غيرك ، وإذا لم يلبسك الله ثوب الخلافة بل أنت البست نفسك إياها ، فكيف تعطي غيرك ما ليس لك . ثم عرض المامون على الإمام ولاية العهد ، وقد أراد المامون بذلك تنقيص شان الإمام وتصغيره قدره في نفس الناس ، بأن يظهر لهم بان الإمام الرضا (ع) ليس له هم إلا طلب الدنيا والرياسة ، وإن ما يظهر منه من الأخلاق الكريمة النبوية ومحامد الصفات العلوية ، ليس إلا رياء عند الناس ، فإذا وجد شيئاً من الدنيا تكالبت عليه شهواته وسعت إليه نفسه ، ولكن هيهات للمامون من ذلك ، مع ولي الله وخليفته الشرعي . عموماً ، شدد المامون على الإمام بقبوله لولاية العهد ، وذلك لتهدئة الأوضاع التي قامت على المامون واستدراج الشيعة إليه ، وإظهار حبه لأهل البيت (ع) خلافاً لأبائه - حتى هدد الإمام (ع) بالقتل سراً، وذلك بعد ان جرت بينه وبين الإمام (ع) تلك المناظرة . ويقال بان سبب إعطاء المامون ولاية العهد للإمام الرضا (ع) ، له ثلاثة إحتمالات : الأول : أن فكرة ذلك من ابتكار المأمون ، وانه كان مصمماً من كل قلبه على ذلك ، لأجل النذر الذي قطعه على نفسه ، سواء قلنا با نحرافه فيما بعد عن هذا التصميم كما يروهُ كل من الشيخ المفيد والشيخ الصدوق ( أعلى الله مقامهما ) أم قلنا ببقائه على نيته حتى النهاية كما يراه بعض المستشرقين . الثاني : أنها ليست فكرة المامون أبداً ، بل هي فكرة الفضل بن سهل ذي الرياستين وزير المامون والذي قال البعض أنه شيعي ، متمكن من التشيع ، ويقول البعض الأخر أن الفضل فعل ذلك مبيتاً نية خطرة ، وليس بشيعي ابداً وهذا هو القول الصحيح . الثالث :
وتنطوي تحته أسباب سياسية أهمها
: 2- قطع الطرق على انتفاضات العلويين ، وتهدئتهم ، وارضاءهم حيث جعل للعلوين سهماً في الخلافة ، حتى يهدئهم ثم يفرق الناس من حولهم ، وبهذا لا مجال لهم لحمل السلاح أو حيثما يدهبون للدعوة للقيام ضد الخلافة سيقول لهم الناس أنتم الأن شركاء في الخلافة ، والإمام الرضا هو الأن ولي العهد ، فانتم إذاً تقومون ضده . 3- نزع السلاح من الإمام الرضا (ع) ووضعه تحت نظر المامون مباشرة ، حتى لا يتمكن الإمام (ع) من التحرك حتى على الصعيد الشعبي فضلاً على السياسي وهناك اسباب اخرى منها 1-أن يامن
المامون الخطر الذي كان يتهدده
من قبل شخصية الإمام (ع) ولعل مسلمات التاريخ ، من أحضارالإمام الرضا (ع) من المدينة المنورة إلى مرو ، ورفض الإمام (ع) لها ، وشرط الإمام (ع) ان لا يكون له أي دخالة بأي شيئ ولا يتحمل مسؤولية تجاه أي عمل ، بان لا يعزل حاكماً ، ولا ينصب احداً لشيئ من امور الحكم ، ولا يامر فيها ولا ينهى ، ولا يفتي ولا يقضي ولا يغير شيئاً مما هو قائم . وكذلك تعامل الإمام بعد ولاية العهد ، وخطبته التي خطبها في محضر المأمون وكيفية مبايعته ن كل هذه المسلمات تعطي دلالة قويه لهذا الأحتمال بكونه السبب الرئيسي لا عطاء المأمون ولاية العهد . وهناك الكثير من الكلام عن ولاية العهد ، وقبول الإمام الرضا(ع) لها ، نتركها خوف الإطالة ن ومن أراد ذلك فعليه بكتاب الحياة السياسية للإمام الرضا (ع) للسيد جعفر مرتضى العاملي ، وسيرة الأئمة الأطهار للشهيد المطهري . علمه ومحاججاته مع اصحاب الفرق والمذاهب : إن
ما ظهر من الإمام الرضا (ع) من
المعجزات الكثيرة والمحاجات
العديدة المفحمة مع أرباب الملل
والديانات كثيرة جداً ، لا يسع
هذا المختصر جزءاً ضئيلاً منه . وكان (ع) بارزاً في علوم عصره غير الدينية فانت له ممارسات كيميائية ووصفات طبية ، وظهر على يديه الكثير من المعجزات ، وكان (ع) يخبر بالمغيبات فينبئ عن وقوع أشياء قبل أن تقع وينبئ عما في القلوب والضمائر ويجيب عن المسائل قبل أن تُسأل . وقد حدث مرة ان أحد الأخصام المعاندين ، وهو " ابن هذاب " قد اغتاظ من مكانة الإمام الرضا (ع) فانكر معرفة الإمام للغيب وقال ان الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى . فرد الإمام (ع) بالأية الكريمة (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدأ ألا من ارتضى من رسول )) سورة الجن اية 26 -27 . ثم أضاف (ع) فرسول الله (ص) مرتضى الله ، ونحن ورثة ذلك الرسول (ص) الذي علمه الله تعالى ما يشاء من غيبه ، وعلمنا هو (ص) ما كان وما يكون إلى يوم القيامة واخبرك يا بن هذاب انك ستصاب بعد أيام ببلايا ، منها ، انك حتى خمسة ايام ستبتلي بدم ذي رحم ، وانك تصاب بعدها بايام ببصرك وتصيرمكفوفاً ، فلا تبصر سهلاً ولا جبلاً ، ثم قال (ع) ولك عندي دلالة أخرى على معرفتنا بالمغيبات ، هي انك ستحلف يميناً كاذبه فتضرب بسببها بالبرص . قال راوي الحديث وهو محمد بن الفضل . والله لقد نزل ذلك كله بابن هذاب فقيل له : أصدق الرضا (ع) أم كذب ؟ فقال والله لقد علمت في الوقت الذي أخبرني به انه كائن ولكني كنت أتجلّد . استشهاده عليه السلام : سبق وأن اشرنا في أسباب اعطاء المأمون ولاية العهد للإمام الرضا (ع) أن منها تدبير خطة لتصفية الإمام جسدياً . دون ان يساور احدأ الشك بدوره (لع) فيها ودون أن يظن أحد أنه هو السبب في مقتله (ع) ذلك لأن المأمون يعرف مكانة الإمام الرضا (ع) والبيت العلوي في نفوس الناس . وأراد في الوقت نفسه أن يتم الأمر بعيداً عن مقر حكمه (( طوس )) لكثرة ما بها من شيعة الإمام واتباعه ، فاشخص الإمام (ع) مع رئيس قافلة ، وأمر رئيسها بعدم المرور على الكوفة وقم لكثرة ما بها من الشيعة ، وقرر المأمون على اغتيال الإمام (ع) أثناء إنتقاله من طوس إلى بغداد ، فلما وصل إلى قرية "سنباد" وهي قريبة من رستاق (( نوقان )) على مسيرة يوم من طوس وفيها قبر أبيه هارون توقف لتنفيد خطته . واوعز
لغلام له أسمه عبدالله بن بشير
ان يسم الإمام بعنب وحبات رمان ،
ثم يقدمها للإمام (ع) ليأكلها
واوصاه أن يجعل السم تحت أظفاره
ثم يحوله إلى كفه ، ثم يفرك بكفه
حبات الرمان ويناولها الإمام (ع)
بمرأ من حضار المجلس ، لكي لا
يتهمه احد بانه هو قاتل الإمام (ع)
كما أوصاه أيضاً بأن يغمس سلكاً
بالسم ثم يدخله في حبات العنب من
الطرف إلى الطرف بابرة ويقدم من
ذلك العنب إلى الإمام أيضاً امام
أمام أنظار الناس . وكتم المامون (لع) موته (ع) يوماً وليله ، ثم انفذ إلى محمد بن جعفر الصادق (ع) عم الإمام ، فلما حضروه ا نعاه إليهم وبكى متظاهراً ، وأراهم أياه مبيناً انه صحيح الجسد ، وعلمت الشيعة بذلك فا جتمعوا لتشييع الإمام (ع) ففزع من وقوع الفتنة ، فخرج محمد بن الصادق (ع) بامر من المامون ، وفرق الناس ، قائلاً لهم ان امر الجنازة قد اخر إلى الغد . فلما تفرق الناس ، اخرج المامون الجنازة الطاهرة ، ثم ان الإمام (ع) غسل وكفن وصلى عليه من يعلم الله - وهو الإمام الجواد (ع) في جوف الليل ثم أمر المأمون بدفن الإمام (ع) بجوار قبر أبيه ، بحيث يكون قبر أبيه امام قبر الإمام (ع) فلم تؤثر المعاول ولم تحفر شيئاً ، فتعجب المأمون في ذلك واستدعى احد مقربي الإمام (ع) وكان يدعى هرثمة الذي كان الإمام (ع) يسر له بكثير من المغيبات ، فاقترح هرثمه ان يجعل قبر الإمام أمام قبر هارون ففعلوا ذلك وإلى ذلك يشير دعبل الخزاعي الشاعر الشيعي الطائر الصيت [ الصفحة السابقة ] [ البداية ] |