الثروة الحيوانية كانت توجد في القطيف في الأيام السالفة ثروة حيوانية كبيرة ، ولكنها اضمحلت في الوقت الحاضر ، بسبب تطور الأوضاع الأقتصادية والإجتماعية ، ويبرو على رأس القائمة اقتناء الحمير والبقر ، اللتان تشكلان دعامتين أساسيتين في بناء الهيكل الإقتصادي ، وعنصرين مهمين في تلبية الإنتاج الزراعي ، فالحمير كانت حاجة ملحة لا يستغنى عنها ، اذ هي الواسطة الوحيدة للنقل والمواصلات ، لقدرتها على السير في الطرق الضيقة الزلقة ، لذلك لا تخلو منها اصطبلات الملاك والفلاح على السواء ، فالملاك يستعملها للركوب ، والفلاح يستخدمها لنقل محصوله الزراعي ، وفي المواسم تتألف فرق عديدة من الحمير لنقل التمور والسلوق والسعف والكرب والسماد تسمى كل واحدة منها ( عاملة ) ، وهناك أيضاً كانت فرقة تعمل بصورة مستمرة على مدار العام ، لنقل البضائع من الميناء إلى الأسواق ، تسمى ( عامله السيف ) وتتميز بحمرها القوية التي تستطيع حمل الأثقال الكبيرة . وكذلك تربية البقر التي لا تقبل شأناً وأهمية عن الحمير ، فهي التي تنتج الحليب والسمن واللبن ، حيث يتغدى الفلاح منها ويدفع للملاك ماعلية من شروط - جرت العادة أن تتضمن شروط العقد من الدهن وكمية من الحليب يؤديها الفلاح إلى الملاك كل عام - ومن روثها الذي يتجمع على مدار العام ويصبح ذا قيمة عينية .. يستخدم في تسميد البساتين ، فيدفع الفلاح ما عليه من كمية كشرط أساسي من شروط العقد ، ويبيع الباقي ، حيث يستفيد بثمنه ، فمن ثمَّ كان اقتناء البقر يشكل ضرورة ملحة لوضع الفلاح . أما استعمال الخيل فقليل ويقتصر اقتناؤها على الطبقة الأستقراطية ( المالكة ) ، لذلك كان عددها قليلاً جداً في القطيف ، فهذ النوع من المواشي يستخدم دائماً لقطع المسافات أوالسباق أو للكر و الفر في الحروب ، وأغراضها لا تتوفر في البيئة المحلية ، ولنفس السبب لم تستخدم الإبل في النقل لعدم قدرتها على السير في الطرق الضيقة الزلقة ، فهي تلائم البيئة الصحراوية حيث يكثر استخدام هذين النوعين من المواشي عند البداة . وتربية الأغنام لم تحظ بالإهتمام الكافي لعدم توفر المراعي في الواحة ، وحتى تربية الماعز التي تحظى بشئ من الإهتمام للإستفادة من لبنها لم يكن اقتناؤها مرغوباً فيه ، لأنها العدو الألد للزراعة لا سيما إذا تركت حرة طليقة في النخل ، إذ تقضي على اليابس والأخضر ، فمن ثم كان اعتماد البلاد في استهلاكها للحوم على قطعان أغنام البادية ، وفي السنوات الأخيرة ، حين تطورت الأوضاع المعيشية لم تعد كافية لمتطلبات الإستهلاك ، فاعتمدت على الإستراد من الخارج ثم أنشئت حظائر خاصة بتربية الأغنام ، لتلبية حاجة البلاد من اللحوم . أما الطيور التي يعتني بتربيتها ، فتوجد منها أنواع كالدجاج والبط والحمام والبلابل والسمن ، وكانت العناية بتربية الدجاج تحظى باهتمام بالغ ، حيث يستفاد من لحمها وبيضها ، لذلك لا تخلو أغلب البيوت منها ، والفلاح يجد نفسه مطالباً بتربيتها ليؤدي ما عليه للملاك من شروط ( كان الملاك يشترطون على الفلاح عند تأجير النخل بأن يدفع لهم سنوياً عدداً من الفراريج ) ، أما تربية البط فكانت لمجرد الهواية ، لعدم استساغة الأهالي أكل لحمها أو بيضها ، وتأتي تربية الحمام في قمة الهوايات ، وهي أنواع كثيرة منها الغلياء والمكاوي والياهو . وتأتي بعدها تربية البلابل والسمن ، حيث تخضعان للتدريب على مختلف الألعاب . أما الحيوانات والطيور التي لا يعتني بتربيتها ، والتي ليسيت لها أهمية فكثيرة كالكلاب والقطط والأرانب وابن أوى ، وابن عرس ، والعقعق ، وغيرها ، مما يتوفر وجوده في المناطق شبه الإستوائية أو المعتدلة . وقد تقلصت في الوقت الحاضر تلك الثروة الحيوانية ، تبعاً لتطور الأحوال الإقتصادية والعمرانية ، فحين شقت الطرق وبلطت الشوارع حلت السيارات محل الحمير ، حتى عم استخدامها في النقل والمواصلات ، ، وأصبحت أغلب البيوت لا تخلو من سيارة أو أكثر سواء في المدن والأرياف فتضاءل وجود الحمير ، حتى اختفت من الطرقات وكذلك الأمر في البقر التي أهمل تربيتها الفلاحون ، حين اتسعت أسباب الرزق ، فآثروا سكنى البيوت في المدن والقرى ، وعلى هذا الوضع يتم استيراد أنواع المواشي من دول عديدة مثل العراق وسوريا وهولندا واستراليا وغيرها وهناك حظائر للدجاج والغنم والبقر انشئت حديثاً ، ولكنها لا تكفي للإستهلاك المحلي ، ولولا هذه الحضائر لأصبحت البلاد فقيرة من الثروة الحيوانية . [ الصفحة السابقة ] [ البداية ] |