النور الثامن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام
نسبه الشريف : هو خليفة سلفه الطاهرين وجده النبي الأمين (ص) ، وفلدة كبده المقطعة بالسم النقيع ، باب الحوائج ، وحجة الله والخليفة المعين والمنصوص عليه بعد أبيه الصادق (ع) ، الإمام السابع ، والمعصوم التاسع ، الحليم الصابر العالم ، موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب الكاظم سلام الله عليهم أجمعين . فنسبه لأبيه فهو ما عرفت من شرف الأسرة وطهارة المحتد ، ورفعة السلاله التي تبدأ بخاتم المرسلين محمد بن عبدالله (ص) وتتدرج في فرع الإمامة حتى تصل إلى الإمام الصادق (ع) . واما أمه فهي حميدة البربرية بنت صاعد البربري الذي كان من أشراف البربر وهم قوم في المغرب في شمال أفريقيا اليوم ، وقد كانت (رض) كأسمها حميدة الصفات جداً ، وقد روي عن زوجها الإمام الصادق (ع) انه قال في حقها أن حميدة مصفاة من الأدناس كسبيكة الذهب ، وإنها حميدةٌ في الدنيا ، محمودة في الآخرة ، وقد كانت في الأصل جارية اشتراها الصادق (ع) فأولدها الإمام الكاظم (ع) . ولادتــــــــــه : ولد الإمام موسى الكاظم (ع) في قرية يقال لها (( الأبواء)) تقع بين مكة والمدينة المنورة ، يوم الأحد في اليوم السابع من شهر صفر المظفر من سنة ثمان وعشرين ومائة بعد الهجرة النبوية الشريفة صلى الله على مهاجرها وآله . كـــنــاه وألـقــابــــــه : يكنى بأبي
الحسن الأول ، وهي أشهر كناه ،
كما يكنى بأبي الحسن الماضي ،
وأبي إبراهيم ، وأبي علي ، وأبي
إسماعيل . النص على إمامته وخلافته : وقد نص
الإمام الصادق (ع) على إمامته
وخلافته من بعده بأمر من النبي (ص)
، كما روى الشيخ المفيد في
الأرشاد عن عبد الأعلى بن الفيض
بن المختار قال : قلت لأبي
عبدالله (ع) خذ بيدي من النار ،
مَنْ لنا بعدك ؟ . قال فذخل أبو
إبراهيم وهو يومئذٍ غلام ، فقال :هذا
صاحبكم فتمسك به . حياته بشكلٍ عام : عاش الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) خمساً وخمسين سنة ، أقام منها مع أبيه الإمام الصادق (ع) عشرين سنه ، وكانت السنوات الخمس والثلاثون الباقية مدة إمامته وخلافته بعد أبيه (ع) . ملوك عصره : عاصر (ع) بقية حكم أبي جعفر المنصور العباسي ، ومن بعده أبنه محمد المهدي الذي ملك عشر سنين وشهراً وأياماً ، ومن بعده أبنه موسى اللاهادي ابن محمد المهدي الذي ملك سنة وخمسة عشر يوماً ، ثم من بعده ملك أخوه هارون اللارشيد ثلاثاً وعشرين سنة وشهرين وسبعة عشر يوماً ، واستشهد الإمام الكاظم (ع) بعد مضي خمس عشرة سنة منها . زوجاته واولاده : تزوج (ع) زوجات عديده (ع) واولدهن الكثير من الأولاد ، وكان (ع) اكثر الأئمة ذرية ، حتى أختلف في عدد أولاده ، والمشهور انهم كانوا سبعة وثلاثين ولداً ، منهم ثمانية عشر ذكوراً ، وتسع عشرة إناث . لكن المتحصل عليه من المصادر المختلفة هم ما يلي : أولهم واعلاهم قدراً وأفضلهم وأنبههم وآعلمهم ، واجمعهم فضلاً ، وصي أبيه وخليفته من بعده ، أعني الإمام الثاني علي بن موسى الرضى (ع) ، ومنهم إبراهيم ، والعباس ، والقاسم ، وإسماعيل وجعفر ، وهارون ، وجعفرالأصغر ، واحمد ، ومحمد ، وحمزة ، وعبيدالله ، وإسحاق ، وعبدالله ، وزيد ، والحسن ، والفضل ، وسليمان ، وعبد الرحمن ، وعقيل ، ويحيى ، وداود ، والحسين . أما البنات فهن فاطمة الكبرى ، وفاطمة الصغرى ، وكلثم ، وام جعفر ، ولبابة ، وزينب ، وخديجة ، وعليَّه ، ورقيه ، وحكيمه ، وآمنة ، وحسنة ، ووجيهة ، ونزيهه ، وعائشه ، وأم سلمة ، وميمونة ، وام كلثوم ، وام فروة ، وأم أبيها ، وام القاسم ، وام وحيّه ، وأسماء ، وأُمامة ، وام عبدالله ، ومحمودة ، وزينب ، الصغرى ، ورقية الصغرى ، وغيرهن وقد كان لكل واحد من ولده (ع) فضل ومنقبه ، ولكن الإمام الرضى (ع) هو المقدم عليهم من جميع جهات الفضل والعلم والتقى ، وكان إبراهيم رجلاً كريماً شجاعاً ، وقد تقلد الأمرة على اليمن في أيام المأمون من قبل محمد بن زيد بن علي السجاد الذي خرج بالسيف ثائراً على العباسيين ، وكان مقره الكوفه في العراق إلى ان فتح المأمون الكوفة فأعطى الأمان محمد بن زيد . وكان محمد بن الإمام موسى (ع) من أهل الفضل والصلاح وصاحب عبادة وصلاة . علمـــــــه وتــقــواه : إن الأخبار ملئيه عن سعة علم الإمام الكاظم (ع) وعمق غوره ودقة أحكامه ، وطافحة باجوبته العجيبة واللطيفة والمذهلة ومحاججاته المفحمة ، منذ كان فتى أو حتى حَدَثاً ، ومع أعلام الكبار في السنن والمعرفة . ومن ذلك ما
نقل ، من أن أبا حنيفة دخل
المدينة المنورة في أيام الإمام
الصادق (ع) ومعه عبدالله بن مسلم
، فأراد الذهاب للإمام الصادق (ع)
ليرِدا على الإمام الصادق (ع)
ويسأله من مسأله يخجلاه امام
اصحابه - على حد زعمهم- ، فأتيا
باب الإمام الصادق (ع) والناس
ينتظرون خروجه (ع) ، وقبل خروج
الإمام الصادق خرج عليهم من
الدار غلام حدث السن ، فقام
الناس اجلالاً وهيبة له ، فسأله
أبو حنيفة صاحبه عبدالله عن
الغلام ، فقال :هذا ابنه موسى (ع)
فأراد أبو حنيفة أن يمتحنه فتقدم
إلى الإمام موسى بن جعفر وسأله
يا غلام أين يضع الرجل حاجته ؟
فرد الإمام بما معناه يضعها في
مكان بحيث يتوارى فيهِ عن
الأنظار ، ولا يستقبل القبلة ولا
يستدبرها ، ثم شرح له الإمام
واجبات ومستحبات ومكروهات
التخلي ، فبهت أبو حنيفة ، لأن
أبا حنيفة يعتقد أن الإمام موسى (ع)
سيجيبه عن معنى وضع الرجل
حاجياته أي أغراضه وثيابه ، وكان
قصد أبي حنيفة الخلاء ، فكيف عرف
الإمام بقصد أبي حنيفة ؟ وزاد
هذا من إكبار أبي حنيفة للإمام .
وكان سلام الله عليه إذا صلى اضطربت اعضاؤه ، وجرت دموعه . مصائبه واستشهاده : قضى(ع) فترة
من حياته في ظلمات السجون يُنقل
من سجن إلى سجن ، فقد سجنه محمد
المهدي العباسي ، ثم أطلقه وسجنه
هارون الرشيد في البصرة عند عيسى
بن جعفر ، ثم نقله إلى سجن الفضل
بن الربيع في بغداد ، ثم نقله إلى
سجن آخر عند الفضل بن يحيى ، وآخر
سجن نقل إليه في بغداد وهو سجن
السندي بن شاهل ( لعنة الله عليهم
أجمعين) وكان أشد السجون عذاباً
وظلمة ، وكان لا يُعرف الليل من
النهار فيه .
[ الصفحة السابقة ] [ البداية ] |